الحسد داء فتاك يقتل صاحبه قبل أن يصل إلى المحسود، وينهي صاحبه قبل أن يصل إلى المحسود..
ﺇﻥ اﻟﺤﺎﺳﺪ ﻳﺸﻌﻞ ﻓﺮﻧﺎ ﺳﺎﺧﻨﺎ ﺛﻢ ﻳﻘﺘﺤﻢ ﻓﻴﻪ, فقد رأيت اﻟﺘﻨﻐﻴﺺ ﻭاﻟﻜﺪﺭ والحزن ﻭاﻟﻬﻢ اﻟﺤﺎﺿﺮ كلها ﺃﻣﺮاﺽ ﻳﻮﻟﺪﻫﺎ اﻟﺤﺴﺪ ﻟﺘﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺣﺔ ﻭاﻟﺤﻴﺎﺓ اﻟﻄﻴﺒﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ.
إن الحاسد هو الشخص الوحيد الذي يتهم الله بالظلم, لسان حاله: كيف تعطيه ما لم تعطيني. وما درى المسكين أن الله قسم أرزاق العباد بعدله, فأعطاك المال وحرمك العلم، والآخر أعطاه العلم وحرمه المال، أعطاك الصحة والعافية وحرمك الذرية، والآخر أعطاه الذرية وحرمه من العافية.. هكذا هي القسمة بالتساوي يعطيك ما ليس عند غيرك ويعطيه ما ليس عندك, فلا تنظر إلى ما عند الناس واشكر الله الذي عافاك ولم يبتليك، وأعطاك نعمة السمع والبصر فلولاهما لكنت أعمى أصم..
ﺃﻻ ﻗﻞ ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻲ ﺣﺎﺳﺪا ... ﺃﺗﺪﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺃﺳﺄﺕ اﻷﺩﺏ
ﺃﺳﺄﺕ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻓﻌﻠﻪ ... ﻷﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﺮﺽ ﻟﻲ ﻣﺎ ﻭﻫﺐ..
ﻳﺎ ﻟﻠﺤﺴﺪ ﻣﻦ ﻣﺮﺽ ﻻ ﻳﺆﺟﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ، ﻭﻣﻦ ﺑﻼء ﻻ ﻳﺜﺎﺏ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻤﺒﺘﻠﻰ ﺑﻪ، ﻭﺳﻮﻑ ﻳﺒﻘﻰ ﻫﺬا اﻟﺤﺎﺳﺪ ﻓﻲ ﺣﺮﻗﺔ ﺩاﺋﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻮﺕ ﺃﻭ ﺗﺬﻫﺐ ﻧﻌﻢ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻨﻬﻢ.
ﻛﻞٌّ ﻳﺼﺎﻟﺢ ﺇﻻ اﻟﺤﺎﺳﺪ, ﻓﺎﻟﺼﻠﺢ ﻣﻌﻪ ﺃﻥ ﺗﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ ﻧﻌﻢ اﻟﻠﻪ ﻭﺗﺘﻨﺎﺯﻝ ﻋﻦ ﻣﻮاﻫﺒﻚ، ﻭﺗﻠﻐﻲ ﺧﺼﺎﺋﺼﻚ، ﻭﻣﻨﺎﻗﺒﻚ، ﻓﺈﻥ ﻓﻌﻠﺖ ﺫﻟﻚ ﻓﻠﻌﻠﻪ ﻳﺮﺿﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﻀﺾ، ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺷﺮ ﺣﺎﺳﺪ ﺇﺫا ﺣﺴﺪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺼﺒﺢ ﻛﺎﻟﺜﻌﺒﺎﻥ اﻷﺳﻮﺩ اﻟﺴﺎﻡ ﻻ ﻳﻘﺮ ﻗﺮاﺭﻩ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺮﻍ ﺳﻤﻪ ﻓﻲ ﺟﺴﻢ ﺑﺮﻱء.
فإياك والحسد فهو الذي أوقع إبليس في خروجه من رحمة الله، وهو الذي أوقع قابيل في قتل هابيل، وهو الذي أوقع يوسف في ظلمات ثلاث..
الحاسد ﻻ ﻳﻔﺘﺮ ﻭﻻ ﻳﻨﻲ ﻭﻻ ﻳﺒﺮﺩ ﻗﻠﺒﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﺰﻭﻝ اﻟﻨﻌﻤﺔ ﻋﻦ المحسود ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻳﺒﺮﺩ ﺃﻧﻴﻨﻪ، ﻭﺗﻨﻄﻔﺊ ﻧﺎﺭﻩ، ﻻ ﺃﻃﻔﺄﻫﺎ اﻟﻠﻪ{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}().
ﻗﺎﻝ بعض الأدباء: ما ﺭﺃﻳﺖ ﻇﺎﻟﻤﺎ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﻤﻈﻠﻮﻡ ﻣﻦ اﻝﺣﺴﻮﺩ؛ ﻧﻔﺲ ﺩاﺋﻢ، ﻭﻫﻮ ﻻﺯﻡ، ﻭﻗﻠﺐ ﻫﺎئم.
ﻟﻠﻪ ﺩﺭ اﻟﺤﺴﺪ ﻣﺎ ﺃﻋﺪﻟﻪ ... ﺑﺪا ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ ﻓﻘﺘﻠﻪ.
ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﻤﻌﺘﺰ:
اﺻﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﻴﺪ اﻟﺤﺴﻮ ... ﺩ ﻓﺈﻥ ﺻﺒﺮﻙ ﻗﺎﺗﻠﻪ
ﻛﺎﻟﻨﺎﺭ ﺗﺄﻛﻞ ﺑﻌﻀﻬﺎ ... ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﻣﺎ ﺗﺄﻛﻠﻪ..
ﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﻤﻘﻔﻊ: ﻟﻴﻜﻦ ﻣﺎ ﺗﺼﺮﻑ ﺑﻪ اﻷﺫﻯ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻚ ﺃﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺴﻮﺩا؛ ﻓﺈﻥ اﻟﺤﺴﺪ ﺧﻠﻖ ﻟﺌﻴﻢ().
انتبه من اﻟﺤﺴﺪ فهو ﻛﺎلآﻛﻠﺔ اﻟﻤﻠﺤﺔ ﺗﻨﺨﺮ اﻟﻌﻈﻢ ﻧﺨﺮا، واﻟﺤﺴﺪ ﻣﺮﺽ ﻣﺰﻣﻦ ﻳﻌﻴﺚ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ﻓﺴﺎﺩا، ﻭﻗﺪ ﻗﻴﻞ: ﻻ ﺭاﺣﺔ ﻟﺣﺴﻮﺩ ﻓﻬﻮ ﻇﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺛﻮﺏ ﻣﻈﻠﻮﻡ، ﻭﻋﺪﻭ ﻓﻲ ﺟﻠﺒﺎﺏ ﺻﺪﻳﻖ..
ﺇﻧﻨﻲ ﺃﻧﻬﻰ ﻧﻔﺴﻲ ﻭﻧﻔﺴﻚ ﻋﻦ اﻟﺤﺴﺪ ﺭﺣﻤﺔ ﺑﻲ ﻭﺑﻚ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻧﺮﺣﻢ اﻵﺧﺮﻳﻦ؛ ﻷﻧﻨﺎ ﺑﺤﺴﺪﻧﺎ ﻟﻬﻢ ﻧﻄﻌﻢ اﻟﻬﻢ ﻟﺤﻮﻣﻨﺎ، ﻭﻧﺴﻘﻲ اﻟﻐﻢ ﺩﻣﺎءﻧﺎ، ﻭﻧﻮﺯﻉ ﻧﻮﻡ ﺟﻔﻮﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ().
وعلاج الحسد علاج واحد نافع -بإذن الله-: الرضاء بما قسم الله لك من الرزق ((ارضى بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)) ().
ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻜﻤﺎء: ﻣﻦ ﺭﺿﻲ ﺑﻘﻀﺎء اﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ- ﻟﻢ ﻳﺴﺨﻄﻪ ﺃﺣﺪ، ﻭﻣﻦ ﻗﻨﻊ ﺑﻌﻄﺎﺋﻪ ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻠﻪ ﺣﺴﺪ().