أهل العلم قلوبهم طيبة، رحيمة مشفقة، يسهرون لياليهم لتنام مرتاحا، ويربطون الحجارة على بطونهم لتكن أنت شبعانا، يضحون بالغالي عندهم ليجلبوا لك السعادة، هم نور حياتنا، وسعادة قلوبنا، وراحة نفوسنا، لولاهم لكنا في جهالة، لولاهم لكظمتنا الكآبة، لولاهم لم نجد طعم الراحة، لولاهم لم نجمع لك دروب السعادة، وجودهم يعني لنا سعادة، فتواهم يعني لنا وقاية، اختلافهم يعني لنا رحمة وهداية، فقْدهم يعني لنا قيام ساعة القيامة..
إني أُحذرك من التطاول عليهم، والتنقيص من حقهم، وهتك أعراضهم، وتتبع اختلافاتهم، فللعلماء ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻋﻈﻤﻰ، ﻭﻣﻨﺰﻟﺔ ﻛﺒﺮﻯ، ﻓﻬﻢ ﻭﺭﺛﺔ اﻷﻧﺒﻴﺎء، ﻭﺧﻠﻔﺎء اﻟﺮﺳﻞ، ﻭاﻷﻣﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﻴﺮاﺙ اﻟﻨﺒﻮﺓ، ﻫﻢ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺷﻤﻮﺱ ﺳﺎﻃﻌﺔ، ﻭﻛﻮاﻛﺐ ﻻﻣﻌﺔ، ﻭللأﻣﺔ ﻣﺼﺎﺑﻴﺢ ﺩﺟﺎﻫﺎ، ﻭﺃﻧﻮاﺭ ﻫﺪاﻫﺎ، ﺑﻬﻢ ﺣﻔﻆ اﻟﺪﻳﻦ ﻭﺑﻪ ﺣﻔﻈﻮا، ﻭﺑﻬﻢ ﺭﻓﻌﺖ ﻣﻨﺎﺭاﺕ اﻟﻤﻠﺔ ﻭﺑﻬﺎ ﺭﻓﻌﻮا{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}()ﻳﺤﻴﻮﻥ ﺑﻜﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ اﻟﻤﻮﺗﻰ، ﻭﻳﺒﺼﺮﻭﻥ ﺑﻪ ﺃﻫﻞ اﻟﻌﻤﻰ، ﻭﻳﻬﺪﻭﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺿﻞ ﺇﻟﻰ اﻟﻬﺪﻯ، ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﻗﺘﻴﻞ ﻹﺑﻠﻴﺲ ﻗﺪ ﺃﺣﻴﻮﻩ، ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﺿﺎﻝ ﺗﺎﺋﻪ ﻗﺪ ﻫﺪﻭﻩ، ﻭﻣﺎ ﻋﺰﺕ اﻷﻣﻢ، ﻭﺑﻠﻐﺖ ﺳﺎﻣﻖ اﻟﻘﻤﻢ، ﻭﺃﺷﻴﺪﺕ ﺻﺮﻭﺡ اﻟﺤﻀﺎﺭاﺕ، ﻭﻗﺎﻣﺖ اﻷﻣﺠﺎﺩ، ﻭﺗﺤﻘﻘﺖ اﻻﻧﺘﺼﺎﺭاﺕ ﺑﻌﺪ اﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺑﻬﻢ، ﻓﻬﻢ ﺃﻫﻞ ﺧﺸﻴﺔ اﻟﻠﻪ{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}()ﻭﻫﻢ ﻣﺎﺩﺓ ﺣﻴﺎﺓ اﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻭﻏﺬاء اﻷﺭﻭاﺡ، ﻭﻗﻮﺕ اﻟﻀﻤﺎﺋﺮ، ﻭﺯاﺩ اﻟﻘﺮاﺋﺢ، ﻭﻣﻬﻤﺎ ﺻﻴﻐﺖ اﻟﻨﻌﻮﺕ ﻭاﻟﻤﺪاﺋﺢ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ ﻓﻠﻦ ﺗﻮﻓﻴﻬﻢ ﺣﻘﻬﻢ..
ﻗﻨﺎﺩﻳﻞ ﺩﻳﻦ اﻟﻠﻪ ﻳﺴﻌﻰ ﺑﺤﻤﻠﻬﺎ ... ﺭﺟﺎﻝ ﺑﻬﻢ ﻳﺤﻴﻰ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺤﻤﺪ
ﻫﻢ ﺣﻤﻠﻮا اﻵﺛﺎﺭ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻋﺎﻟﻢ ... ﺗﻘﻲ ﺻﺪﻭﻕ ﻓﺎﺿﻞ ﻣﺘﻌﺒﺪ
ﻣﺤﺎﺑﺮﻫﻢ ﺯﻫﺮ ﺗﻀﻲء ﻛﺄﻧﻬﺎ ... ﻗﻨﺎﺩﻳﻞ ﺣﺒﺮ ﻧﺎﺳﻚ ﻭﺳﻂ ﻣﺴﺠﺪ
ﺗﺴﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ ﻋﺎﻟﻤﺎ ... ﻭﻣﻦ ﺻﻨﻒ اﻷﺣﻜﺎﻡ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺴﻨﺪ..
هم ﺻﻤﺎﻡ ﺃﻣﺎﻥ اﻷﻣﺔ، ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﻓﻲ اﻟﻨﻮاﺯﻝ ﻭاﻟﻤﺪﻟﻬﻤﺎﺕ، ﻓﻀﻠﻬﻢ ﻋﻈﻴﻢ، ﻭﺧﻴﺮﻫﻢ ﺟﺰﻳﻞ، اﻟﺤﻴﺘﺎﻥ ﻭاﻟﻨﻤﻞ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻭاﻟﺠﺤﻮﺭ ﺗﺴﺘﻐﻔﺮ، ﻭاﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﺄﺟﻨﺤﺘﻬﺎ ﻟﻬﻢ ﺗﺨﻀﻊ، ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻏﻨﻴﻤﺔ، ﻭﻣﻮﺗﻬﻢ ﻣﺼﻴﺒﺔ، ﻳﺬﻛّﺮﻭﻥ اﻟﻐﺎﻓﻞ، ﻭﻳﻌﻠّﻤﻮﻥ اﻟﺠﺎﻫﻞ، ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺎﺋﻘﺔ، ﻭﻻ ﻳﺨﺎﻑ ﻣﻨﻬﻢ ﻏﺎﺋﻠﺔ، ﺑﺠﻤﻴﻞ ﻣﻮﻋﻈﺘﻬﻢ ﻳُﺮﺟﻊ اﻟﻤﻘﺼﺮﻭﻥ، ويُرشد الحائرون، ويُهتدى الضالون، ويُعلّم الجاهلون.. ﻫﻢ ﺳﺮاﺝ اﻟﺒﻼﺩ، ﻭﻣﻨﺎﺭ اﻟﻌﺒﺎﺩ، ﻭﻗﻮاﻡ اﻷﻣﺔ، ﻭﻳﻨﺎﺑﻴﻊ اﻟﺤﻜﻤﺔ.
ﻫﻢ ﻏﻴﻆ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﺑﻬﻢ ﺗﺤﻴﺎ ﻗﻠﻮﺏ ﺃﻫﻞ اﻟﺤﻖ، ﻭﺗﻤﻮﺕ ﻗﻠﻮﺏ ﺃﻫﻞ اﻟﺰﻳﻒ، ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﻛﺎﻟﻨﺠﻮﻡ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻳﻬﺘﺪﻯ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺎﺕ اﻟﺒﺮ ﻭاﻟﺒﺤﺮ، ﺇﺫا ﻃﻤﺴﺖ اﻟﻨﺠﻮﻡ ﺗﺤﻴﺮﻭا، ﻭﺇﺫا ﺃﺳﻔﺮ اﻟﻈﻼﻡ ﺃﺑﺼﺮﻭا.
ﻓﻠﻴﺲ ﺫﻭ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻔﺘﻮﻯ ﻛﺠﺎﻫﻠﻬﺎ... ﻭﻻ اﻟﺒﺼﻴﺮ ﻛﺄﻋﻤﻰ ﻣﺎ ﻟﻪ ﺑﺼﺮ..
ﻳﻘﻮﻝ اﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻵﺟﺮﻱ -ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ-: ﻓﻤﺎ ﻇﻨﻜﻢ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﻓﻴﻪ ﺁﻓﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻭﻳﺤﺘﺎﺝ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻇﻠﻤﺎء، ﻓﻘﻴﺾ اﻟﻠﻪ ﻟﻬﻢ ﻓﻴﻪ ﻣﺼﺎﺑﻴﺢ ﺗﻀﻲء ﻟﻬﻢ، ﻓﺴﻠﻜﻮﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻼﻣﺔ ﻭاﻟﻌﺎﻓﻴﺔ، ﺛﻢ ﺟﺎءﺕ ﻓﺌﺎﻡ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮﻙ ﻓﻴﻪ ﻓﺴﻠﻜﻮا، ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫ ﺃﻃﻔﺌﺖ اﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ ﻓﺒﻘﻮا ﻓﻲ اﻟﻈﻠﻤﺔ، ﻓﻤﺎ ﻇﻨﻜﻢ ﺑﻬﻢ؟ ﻓﻬﻜﺬا اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﻨﺎﺱ()..
اﻷﺭﺽ ﺗﺤﻴﻰ ﺇﺫا ﻣﺎ ﻋﺎﺵ ﻋﺎﻟﻤﻬﺎ ... ﻣﺘﻰ ﻳﻤﺖ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻤﺖ ﻃﺮﻑ
ﻛﺎﻷﺭﺽ ﺗﺤﻴﻰ ﺇﺫا ﻣﺎ اﻟﻐﻴﺚ ﺣﻞ ﺑﻬﺎ ... ﻭﺇﻥ ﻧﺄﻯ ﻋﺎﺩ ﻓﻲ ﺃﻛﻨﺎﻓﻬﺎ اﻟﺘﻠﻒ..
ﺇﻧﻬﻢ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺷﺎﻣﺨﺔ، ﻭﺃﻃﻮاﺩ ﺭاﺳﺨﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ ﻭاﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭﺃﻋﻼﻡ ﺑﺎﺭﺯﺓ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ ﻭاﻟﻔﻘﻪ ﻭاﻟﻔﺘﻮﻯ، ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ ﻻ ﺗﺠﺎﺭﻯ، ﻭﻣﻨﺎﻗﺒﻬﻢ ﻻ ﺗﺒﺎﺭﻯ، ﺛﻠﻤﺘﻬﻢ ﻻ ﺗﺴﺪ، ﻭاﻟﻤﺼﻴﺒﺔ ﺑﻔﻘﺪﻫﻢ ﻻ ﺗﺤﺪ، ﻭاﻟﻔﺠﻴﻌﺔ ﺑﻤﻮﺗﻬﻢ ﻧﺎﺯﻟﺔ ﻻ ﺗﻨﺴﻰ، ﻭﻓﺎﺟﻌﺔ ﻻ ﺗﻤﺤﻰ..
العلماء مصابيح الزمان يستضيء منها كل إنسان ينور حياته..
العلماء كالعين العذبة نفعها دائم، وكالغيث حيثما وقع نفع..
فأعرف للعلماء قدرهم، وعليك بالقيام بحقهم، بالدعاء لهم، وعدم التعرض لهم، والوقيعة في أعراضهم، ﻭﺇﻥ اﻟﺘﻔﻜﻪ ﺑﺄﻋﺮاﺽ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻭاﻟﻮﻻﺓ والدعاة والصالحين ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ﺳﻢٌّ ﻗﺎﺗﻞ، ﻭﺑﻼءٌ ﻇﺎﻫﺮ، ﻭﺩاءٌ ﻋﻀﺎﻝ، ﻭﺇﺛﻢٌ ﻭاﺿﺢ..وﻟﺤﻮﻡ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﺴﻤﻮﻣﺔ؛ ﻣﻦ ﺷﻤﻬﺎ ﻣﺮﺽ، ﻭﻣﻦ ﺃﻛﻠﻬﺎ ﻣﺎﺕ، ﻟﺤﻮﻡ ﺃﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﺴﻤﻮﻣﺔ، ﻣﻦ ﻳﻌﺎﺩﻳﻬﻢ ﺳﺮﻳﻊ اﻟﻬﻼﻙ، سريع الانهيار، سيعيش عيشة الحزين، مسلوب السعادة، ضيق الصدر، مخنوق التنفس، لا يهنأ بحياة، ولا يجد الراحة، طول حياته مهموم..
ﻭﺗﺠﻨﺐ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻭﺇﻥ ﻫﻢ ﺧﻠﻄﻮا ... ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ ﻳﻐﻔﺮ ﺯﻟﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎء
ﻓﻠﺤﻮﻣﻬﻢ ﻣﺴﻤﻮﻣﺔ ﻭﺑﺄﻛﻠﻬﺎ ... ﻳﺨﺸﻰ ﻫﻼﻙ اﻟﺸﻌﺮ ﻭاﻟﺸﻌﺮاء..
قال رجل ﻟﻌﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ -ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ-: ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺎﻝ: ﺇﻥ اﺳﺘﻄﻌﺖ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻓﻜﻦ ﻋﺎﻟﻤﺎ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻓﻜﻦ ﻣﺘﻌﻠﻤﺎ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺘﻌﻠﻤﺎ ﻓﺄﺣﺒﻬﻢ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﺗﺤﺒﻬﻢ ﻓﻼ ﺗﺒﻐﻀﻬﻢ. ﻓﻘﺎﻝ: ﺳﺒﺤﺎﻥ اﻟﻠﻪ! ﻟﻘﺪ ﺟﻌﻞ اﻟﻠﻪ ﻣﺨﺮﺟﺎ()..
فحذارِ حذارِ من أن تكره عالما أو داعيا أو صالحا فإنك ستعلن لنفسك حرب الهموم والغموم، وتكون أنت ضحية هذه الحرب((من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب)) ().