لم أرى عقوبة وخيمة عاجلة كعقوبة الظلم, فإن الله يعجل جزء منها في الدنيا قبل الآخرة, فالله –عز وجلّ- يغضب حين يرى الظلم قد حلّ بعباده الضعفاء الذين لا يملكون حولا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, كيف لا يغضب, وضعفاء عباده قد فوضوا الأمر إليه؟!, قاضِ القضاة, وحاكم العدل, وآخذ الظالم للمظلوم, كيف لا يغضب, وعبده الضعيف قد أرسل ملف القضية إلى ما من لا يقبل الوساطة ولا الرشوة؟!, كيف لا يغضب, وشهود الجريمة ملائكة لا يعرفون التزوير ولا التدوير في محكمة الآلة العدل؟!.
هاهو رجل كان يُكاري على بغلٍ له بين دمشق والزبدان, -كما يروي ابن كثير-، وجاء يوماً من الأيام قاطع طريق فركب معه وذهبا في الطريق، وبينما هو في الطريق قال: اسلك هذه الطريق فهي أيسر وأقرب، قال: أنا منذ فترة وأنا أسلك هذا الطريق وأعرفها.
قال: هذا أقرب وأيسر.
فصدقه وذهب معه، فجاء إلى وادٍ سحيق, وإذ بهذا الوادي فيه جثث القتلى كثير، وإذا به يأتي بالناس إلى هناك فيذبحهم ثم يسرق ما معهم، ظلم وأي ظلم!.
جاء بهذا الرجل وأراد أن يقتله فهرب الرجل، فلحق به وأمسك به، قال: -يا أخي- خذ كل ما أملك، خذ بغلتي، وخذ ثيابي، وخذ دراهمي، وخذ كل ما تريد ودعني أرجع.
قال: لابد من قتلك، قال: إن كان لابد فدعني أصلي ركعتين أودع بهما الدنيا.
يلجأ إلى الله -جل وعلا- قال: فقمت أصلي، وهو قائم عليَّ بالحربة يريد أن يقتلني، قال: فضيعت القرآن وأنا أرى الحربة فوق رأسي، فوالله! ما استحضرت آية من القرآن, إلا أنني تذكرت قول الله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}() قال: فكررتها, وإذ بفارس من فم الوادي يخرج على فرس ومعه حربة فينطلق حتى يضربه بالحربة فيرديه قتيلاً، قال: فتعلقت بثيابه، وقلت له: أسألك بالله من أنت؟ قال: أنا من جنود الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء().