Hishamaryqy

Share to Social Media

مهما تعاظم معك الداء فإن مآله إلى زوال، ومهما اشتد سواد الليل{أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيْبٍ}()؟! بلى, وربي إنه لقريب!.
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ... ذرعاً وعند الله منها المخرج
كملت فلما استحكمت حلقاتها ... فرجت وكان أظنها لا تفرج
وانظر فيمن حولك من الناس ستجد فيهم من هو أعظم بلاءً مما أنت فيه، وانظر وقلِّبْ نظرك فسترى، وسترى ما لا يقوم له بصرك من أدواء الناس، وبلاياهم, فإن لم تجد في نفسك من الإيمان الباعث على الصبر والاحتساب -وظني بك أنك نعم المؤمن الصابر المحتسب إن شاء الله- ما يهوِّن عليك مصيبتك؛ فاجعل أدواء الناس لك دواءً.
أنزل أدواء الناس، وبلاياهم، ومصائبهم، وأمراضهم على بليتك، ومصيبتك، ومرضك؛ يخف ويهون وقد يتلاشى ويزول - إن شاء الله- فمن نظر إلى مصيبة غيره تَهون مصيبته، واقرأ في كتب الغابرين تجد مصائب الناس مسطورة، وفي التاريخ مأثورة.
واقرأ القرآن، اقرأ خير كتاب في ذلك، سيحدثك عن أمراض عباد الله الصالحين، وعن محن المقربين، وشكاوى العابدين, فذا أيوب؛ كم عانى من المرض؟ ولله صبره ما أجمله! أي قلب عامر بالإيمان يحمل بين جنبيه! لا تقل لي: قلب نبي؛! فأقول لك: نعم! نبي ولكنه بشر يَأْلم كما تَأْلم، ويحس كما تحس، ويحزن، ويغتم، ويصيبه ويعرض له من الأدواء والأرزاء ما يعرض للآخَرين، بل هو في ذلك أشد بلاءً، وأعظم امتحاناً من غيره.
وهذا يونس -عليه السلام-, ويا لها من شدة، وكربة، وجد نفسه فيها! لم يجد بشر نفسه فيها قبله، حيث حبسه الله في بطن الحوت، فأسقمه البلاء، قال –تعالى-: {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيْمٌ}() نعم أسقمه السجن، وأمرضه، حتى عاد جسمه رخواً ليِّناً لا يقوى حتى على القيام، من الذي ما ساء قط، وما خص الرجال بالبلاء دون النساء؛ فللنساء من البلاء نصيب أيضاً.
فهذه مريم العذراء البتول, رميت عن قوس الإفك بسهام الريبة، وتهمة الزنا؛ وهي الصبية العذراء العفيفة، الضعيفة التي لا تملك حيلة، ولا تستطيع سبيلاً، حتى تمنت الموت على الحياة ولم يكن هذا الذي كان، وهي المؤمنة التي تعلم أنه اختيار الله، وقدره، ومشيئته، فقالت: {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيَاً مَّنْسِيّاً}() والنسي المنسي هو اللبن الذي ترك حتى تغير طعمه ومذاقه، تتمنى أن لو كانت لبناً تُرِك وأُهْمِل على هذا البلاء الذي اصطفاها الله له، ومع هذه الحسرات، وما يظهر في كلامها وشكواها من ضعف وعجز، إلا أنها صبرت لهذا الأمر، وقامت به فماذا كان؟ وما قيل لها؟ وكيف كانت عاقبة أمرها؟{فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي}() وكم كانت بحاجة إلى أن يقال لها: {لَا تَحْزَنِي} فكم كانت مريم بحاجة إلى هذا المدد! وأن تسمع مثل هذه الكلمات؛ لتشد وتربط على قلبها؛ وتعلم أن الله معها، وأنه ليس بتاركها، فتنزلت عليها السكينة، وغشيتها الرحمة، وكفاها الله ما أهمها.
ولا شك أن البلاء يُحْزن، فكم من مريض أحزنه المرض؛ بحاجة أن يقال له: (لَا تَحْزَنْ) ، ودواؤه أن له: (لَا تَحْزَنْ)، وكم من حزين بسبب مصيبة أو كربة، أو شدة؛ ولذلك عندما اشتد الطلب من قريش لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولأبي بكر -رضي الله عنه- عند الهجرة، حتى كاد أن يدركهم الطلب، فقام بعض كفار قريش على باب الغار، وأخذ أبو بكر ينظر أقدامهم وهم لا يرونه فحزن -رضي الله عنه- فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلسان الواثق بربه، ووعده، ونصره وتأييده: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا}() فنزلت بعدُ السكينة.
وذاك إبراهيم -عليه السلام, ولا يخفى عليك- ما كان من أمره وهو الفتى الصغير الضعيف الذي لا حول له ولا قوة مع قومه، وكيف رمي في النار؟ وكيف أنجاه الله؟ ولو أخذت أقص عليك من القرآن في هذا الباب لصار اللبن الحليب كالقَار والقَطِرَان من هول البلاء، وعِظَمِ الداء، ولو قلَّبت صفحات القرآن فستجد في الذكر الحكيم ما يهون عليك مصيبتك، ويكون لك بلسماً وشفاءً.
هذه امرأة طريحة الفراش ظلت خمس سنوات -ولا زالت- طريحة الفراش لا تتحرك.. لا شيء فيها يتحرك سوى الرأس والعينين فقد عطل المرض كل عضو فيها فلا حراك اليوم.
جسد هَدَّهُ المرض، وأفناه الداء، تهاوى تحت شدته، وسقط تحت سطوته, فجعله حطاماً لا يرجى صلاحه، أو ينتظر برؤه.
لو أبصرتها أبصرت هشيم المُحْتَضَر، ولو رأيتها رأيت الحزن أمامك ماثلاً: (فمنظر الحزْن مشهودٌ بمنظرها)، بقايا نفس كانت بشراً! لا تملك حتى أن تَئِنَّ، وبعض الأنين رحمة! حتى اللسان أبكمه المرض، وأخرسه البلاء، فلا تسمع إلا همهمة كهمهمة الخرس البكم الذين لا يتكلمون.
يقول لي زوجها: أنا أقوم على خدمتها أغسلها، وأنظفها ولا أسمح لأحد أن يقوم بهذا عني، زوجتي منذ خمسة وعشرين عاماً، ليس لدينا أولاد، مرضت قبل خمس سنوات، والحمد لله.
بالله عليك كيف ترى نفس هذه المرأة؟ أي نفس نفسها؟ لها عينان تبصران، وعقل يعي، ونفس تتمنى وترجو كيف تراها من الداخل وهي ترى الأصحاء، المعافين في أبدانهم، كيف يقومون؟ وكيف يتحركون؟ وهي طريحة الفراش، لا تقوى أن تحرك في بدنها ذرة.
ألن يوسوس لها شيطانها بسوء حظها العاثر؟! ألن تندب نفسها؟! أليست هذه حياة!؟ بلى حياة؛ ولكنها مريرة؟ فأي حياة هذه؟ أم كيف هو الزوج الذي يحمل أعباء امرأة ليست بالطفل الصغير!؟ وأنا أعجب والله منه في شيئين: في صبره على خدمة زوجه! وفي وفائه لها!.
وهذه طفلة صغيرة، تشكو تضخم الرأس، عندما أبصرت رأسها هالني منظره، واستعظمت ضخامته، وحجمه، رأس ضخم لا كالرؤوس، لو وضع على أضخم جثة بشرية لاستضخمه الناس؛ فكيف وهو على جثة صغيرة لا يتجاوز عمرها السنوات، والبنت طريحة الفراش منذ ولدت ورأسها يزداد كل يوم ضخامة إلى اليوم الذي رأيتها فيه، ولا يجدون لها دواءً، عجز الطبيب بطبه، وماذا صنع الدواء؟ لا شيء لم يستطع حتى أن يوقف تضخم الرأس! والرأس كل يوم في زيادة.
ظنوا دائها مساً! وليس بمس! ظنوه سحراً! وما هو بسحر! ظنوه عيناً! وليس بعين!.
فماذا يكون إذن؟ هذا علمه إلى الله.
والصغيرة طريحة الفراش، لا أحد يضمها، أو يشمها، ولا أحد يحملها أو يحركها،-ونفس صغيرة كهذه تحتاج شيئاً كهذا كحاجتها إلى الطعام والشراب- ومن ذا سيحملها؟! لا أحد يقوى، فرأسها سيكسر رقبتها ويدقها إن حُرِّكتْ، أو حملت.
بالله عليك -يا أخي-؛ أيُّ نفس معذبة باكية بين جنبي هذه الصغيرة؟ وأي قلب حزين قلب أمها؟ تصور بالله عليك حاول وقل لي:كيف ستدخل الراحة نفسها؟ أم كيف تسكن الطمأنينة قلبها، وطفلتها الصغيرة هذا حالها؟ وأنت تعرف قلب الأم الرؤوف الرحيم، الودود الحنون.
فإن كنت -يا أخي- تملك عيناً تبكي بها على ما أصابك ففي دنيا الناس من لا عين له يبكي بها، فَكَفْكِفْ دُمُوعَكَ.
أي –أخي- إن بالناس من المصائب ما ليس بك، فأنزل مصائبهم على مصيبتك تهون! وأنزل على ما تشتكي ما يشتكون! كم في هذه الدنيا من النفوس المعذبة؟ كم وكم؟؟ فمن لها؟ من للعيون الباكية؟ فاصبر -أي أخي-؛ صبر الكريم؛ فإن الله أرحم بك من نفسك التي بين جنبيك، واعلم أنك لن تزداد بالصبر عند الله إلا رفعة، وإيماناً، وديناً، ومنزلة.
واعلم أيضاً أن الله يصلي على الصابرين المسترجعين من أهل البلاء ولهم رحماته، قال –تعالى-: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}().
أي أخي!
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ... ويبتلي اللهُ بعضَ القومِ بالنعم
فلعل بلاءك نعمة وإن كان عظيماً ...فحسبك الله في كل لك الله.
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Story Chapters

مقدمة الكتاب أين السعادة دروب السعادة وكسر شوكة الأحزان حدد الهدف كن موحدا لله ولا تحزن. كن مؤمنا بالله. الهمة، الهمة الصدقة ضياء. لا تنتظر شكرا من أحد. املأ الدلو ماء ولا تملأه وحلاً. ومن الناس من يعبد الله على حرف. فنظر نظرة في النجوم. اغسل همومك بالنهر الجاري وقفة استراحة. البس لباس التقوى. السعداء لا يعلمون الغيب. دروب السعادة. نور على نور. لا تنسَ نصيبك من الميراث. إن للبيت ربا يحميه. كن صادقا مع الله. مشتقات السعادة. عندك دواء الأمراض. إياك والتسويف فهو مدمر السعادة. وقفة استراحة. لا تحزن إذا جهلك البشر. اغلق صفحة حزنك على الماضي. حقيقة الدنيا الحقيرة. كيف يكون اتصالك بالناس فعال. اشكر الله وتمتع بسعادة الشكر. اجبر خواطر الناس. تريض مع الحياة يطيب لك العيش. سعادتك في حسن خلقك. ولا تنسوا الفضل بينكم منتزهات القلوب. وقفة استراحة. لذة طلب العلم. من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. بادر ولا تقف مترددا. الفرج يأتي بعد الشدة، فلا تحزن!. خريطة السعادة. مفتاح السعادة. ابذل المعروف يتسع لك الكون. كن جميلا ترى الوجود جميلا. نادِ يا الله!. العلم نور، السعداء يهتدون به. وقفة استراحة. لا تحمل الجبال على ظهرك. لا تحزن إن كنت معلما. أعيذك بالله أن تكون حاسدا. قل كلمة طيبة، او اصمت، تسلم من الأحزان. السعادة سفينة الحياة الزوجية. لا تخف من المستقبل. ارضى بما كتبه الله لك وقضاه. وكذلك جعلناكم أمة وسطا. وجعل بينكم مودة ورحمة. إياك والاقتراب من العشق الممنوع. وقفة استراحة. اصنع من الليمون شرابا حلوا. البلايا تجلب العطايا. رحمات الله إليك تتنزل. لا تحزن. مناجاة. لا تيأس. لا تشتري القليل بالكثير. السعادة تحت أقدام الأمهات. اطرق باب السعادة برفق. اثنان.. وواحدة. وقفة استراحة. أيها المحزنون. كثير ما يكون وهما لا حقيقة. قل انظروا ماذا في السموات والأرض. المطعم الحرام يذهب السعادة. أوصل رسالتي لزوجتك. سيجعل الله بعد عسر يسرا. الذهب يبقى ذهب. ابتسم في حين رفعت الأقلام وجفت الصحف. لا بأس أن تستشير طبيبك. الحزن غير موجود. وقفة استراحة. اغتنم فرص السعادة. لست المصاب وحدك. هل تذوقت حلاوة الإيمان. فاصفح الصفح الجميل. كن سعيدا ولا تصنع الأحزان. لذة التلاوة وحلاوة القراءة. في ظلال القرآن. ولا تنسَ نصيبك من الدنيا. فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين. قليل دائم خير من كثير منقطع. وقفة استراحة. لا تحزن على الرزق فهو مضمون. استغل مواهبك ولا تقارن نفسك بالآخرين. تبسمك في وجه أخيك صدقة. احذر إذاعة[قالوا]. التمس العذر لإخوانك المسلمين. اتقوا فراسة المؤمن. هناك ما هو أحلى من العسل. اصنع السعادة بنفسك. وتلك الأيام نداولها بين الناس. اقطع جواز سفرك إلى الآخرة. وقفة استراحة. أكثر من قول: حسبنا الله ونعم الوكيل. ثلاثة وأربعة وخمسة وستة. الشرع أباح لك سرقة القلوب. ارضَ بالقليل يأتيك الكثير. عجائب الدعاء. ما ودعك ربك وما قلى. اطلق جناحي با اطير. هل جربت؟!!. كيف تحزن على الرزق وربنا يقول: رضاء الناس غاية لا تدرك. وقفة استراحة. لا تخاف مما يشاع. ابذل كل ما بوسعك لنيل السعادة. كن كالنحل، تمتص الرحيق برفق. لكل مقام مقال. لا تصطاد في الماء العكر. حب الصحابة لنبيهم عليه الصلاة والسلام. لا تقتل سعادتك باللحوم المسمومة. ما أعظم لذة حب الله. احذر سهام الليل المحزنة. تمهل ولا تستعجل. وقفة استراحة. كيف تجعل سريرتك نقية. لا تهدي سعادتك للآخرين. لا تحزن إن قيل لك: لا. تذوق لذة معرفة الله. فإن كل ذي نعمة محسود. وجعلنا الليل لباسا. النعيم لا يدرك بالنعيم. ألا بذكر الله تطمئن القلوب. أربعة أمراض تذهب سعادتك، أسال الله أن يشفيك منها. أمهات سطرهن التاريخ وقفة استراحة. سعادة الصالحين وأخبارهم في سعادتهم. ما أجمل رائحة حامل المسك. لا تحزن أيها المبتلى. هنيئا لك بهذه الزوجة. نصائح طبية تنفعك. احذر العقوق فيسلبك سعادتك. الملائكة تحفك والله يذكرك فيمن عنده. النظر في الصور قد يسلبك سعادتك تمتع بتقليب صفحات حياتك. يمشون على الأرض هونا. وقفة استراحة. يالها من مواعظ مثيرة للقلب. عمل الخير في يومه يدفع عنك الشر في يومه. لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد. خمس جوائز في القرآن الكريم الفراغ أقوى أسباب الهموم، فاحذره. رفقا بالقوارير. أنيس القلب ورياض الجنة. ترتفع قيمتك وتسعد حياتك في حسن خلقك. وأعتزلكم وما تدعون من دون الله نعمة المصيبة وأجرها الوافر وقفة استراحة. الحق ضالة المؤمن. وصيتي لك في خمس لاءات. اغلق عينيك ثم انظر. انظر وطالع في جليسك. لا تكن أنت هو!!. لا تستخف بالحقير فقد يسلبك سعادتك. ومن دخله كان آمنا. أرحنا بها يا بلال. شجاعة الرعيل الأول في ميدان بدر. هل من سائل فأعطيه. وقفة استراحة. تلك عشرة كاملة. حسن المقصد. الهمة طريق القمة. المسارعة وعدم الإفراط. الشعور بالقوة والعزة. الشجاعة والتضحية مهما كلف الثمن. حب الخير للآخرين. وتعاونوا على البر والتقوى. حسن الظن بالآخرين. تأثير الحبل على الصخر ما أجمل الابتسامة. وقفة استراحة. حقيقة القرآن وأسراره وتأثيره على النفوس. حتى تكون سعيدا. السعادة الحقيقية الخاتمة.
Write and publish your own books and novels NOW, From Here.