{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(){وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}().
يا لها من كلمات خرجت من فِي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, تحمل في طياتها نوع من أنواع التعامل اللطيف والرقيق والليّن والملاطفة في التعامل مع المرأة؛ لرقة شعورها، ولضعف نظرها وبصيرتها، فهذا هو مطلبٌ عام من محمد -عليه الصلاة والسلام-، يقف -عليه الصلاة والسلام-، ليعلن يوم عرفة في مائة ألفٍ، وتنصت له الدنيا ويذعن له الدهر، ويتكلم -صلى الله عليه وسلم- للتاريخ ويقول: ((الله الله في النساء)) () ويقول بكل صراحةٍ ووضوح وصدق وإيمان: ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)) () ويقول: ((استوصوا بالنساء خيراً)) ().
الإسلام جعل المرأة درة مصونة ولم يجعلها منشفة للأيدي، أو وردة تشم وتعك في كل مكان، بل جعلها درة مصونة محمية عن العيون، محببة إلى النفوس، كالشمس تُنظر ولكنها لا تُنال، هذه هي المرأة في الإسلام، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (( لا تكسر القوارير)) () رفقاً بالقوارير, رفقاً بهن في العمل والخدمة، ورفقاً بهن في كل شئون الحياة، هي امرأة ضعيفة لا تصلح إلا للبيت، عاطفة جياشة تصلح لتربية الأبناء، وتصلح أن تكون وراء الستار، تكون درة في صدف، أما أن تصارع العمال في المصانع، وتتحدث مع كل عامل رعديد وكل فاجر؛ فهذا ليس بصحيح على رغمي ورغمك.
ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لعائشة: تعالي أسابقك))()، أو حتى يلين معها الكلام؟! فكثير من الناس يأنف أنه يعمل ذلك مع زوجته، لكن أنت تخيل فخامة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وشموخه وهو يجري بجانب عائشة -رضي الله عنها-، الفتاة الصغيرة التي كان سنها لا يتجاوز الثلاث عشرة سنة, فانظر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف كان يترفق بنسائه! وكان يقول: ((لا تكسر القوارير)) أي أن المرأة مثل القارورة ومثل الزجاجة، فتحتاج إلى رقة في المعاملة، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: ((إنهن عوان عندكم)) () أي: المرأة مأسورة، فأول ما تزوجت دخلت السجن مباشرة، لماذا؟ لأنها لا تستطيع أن تتزوج غيرك إلا إذا طلقتها.
ومن أسس بيته على الرفق واللين فهو بيت سعيد عامر بالألفة، قائم على الحب مملوء تقوى ورضوانا, وأهله يعيشون فيه عيشة طيبة هنيّة مملؤة بالسعادة والحب والوفاء وهذا بيت طيب منذ بدايته؛ لأن أساسه عامر وقائم على التعامل برفق ولين{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}().