عزيزي الحبيب: إني أُريد أن أهمس في أُذنيك درسا تعلمته من النملة وهو: لا تيأس, وحاول, مهما أخطأت, حاول مرة أُخرى, ولا تمل ولا تستسلم فعندما يخطئ سهمك هدفه, لا تيأس وتبدأ بالتفكير بالخطأ الذي أخطأته, لكن اسحب السهم الثاني وفكر ما الذي تفعله حتى تصيب الهدف.
طبيعة الإنسان مع الأخطاء الذي تعوقه في طريق حياته أشبه بمباراة الملاكمة تماما, ليس المهم إن خسر الملاكم جولة, لكن المهم والأهم هو كيف يسقط منافسه بالضربة القاضية حتى يكون فائز, كذلك حال الإنسان في الحياة, من اللازم البدهي أنه يخطأ في بداية الطريق لكن يلزمه شد الهمة والمحاولة والتكرار والصبر حتى يصل إلى طريق النهاية.
ذهب الإمام القفال يطلب العلم وعمره أربعون سنة، فقال: كيف أطلب العلم؟، ومتى أحفظ؟, ومتى أفهم؟, ومتى أعلم الناس؟، فرجع، فمر بصاحب ساقية، يسوق على البقر، وكان من شدة تكراره قد أثر الحبل على الصخرة حتى قطعها من كثرة المداومة، فلما رأى ذلك قال: أطلبه، ولا أتضجر من طلبه، وأنشأ يقول:
اطلب ولا تضجر من مطلب ... فآفـــة الطـــــــالب أن يضـــــجرا
أما ترى الحبل بطول المدى ... على صليب الصخر قد أثرا.
واستمر يطلب العلم، وصار إماما من كبار الأئمة، ومن جهابذة الدنيا().
يحيي النحوي, يُروى أنه كان ملاحا, وذات يوم سمع أصحاب المدارس يتكلمون عن العلم, فتاقت نفسه لطلب العلم, ولكنه كان حزينا؛ لأن عمره قد تجاوز الأربعين, وبينما هو يفكر إذ رأى نملة قد حملت نواة تمرة وهي دائبة تصعد بها فوقعت منها فعادت فأخذتها, فوقعت ثانية فعادت وأخذتها, فوقعت ثالثة, ورابعة, ولم تزل تجاهد مرارا حتى بلغت بالمجاهدة غرضها, وأطلعتها إلى حيث شاءت. فقال: إذا كان هذا الحيوان الضعيف قد بلغ غرضه بالمجاهدة والمناصبة فبالحري أن أبلغ غرضي بالمجاهدة. فخرج من وقته وباع سفينته, ولزم دار العلم, وبدأ يتعلم النحو واللغة والمنطق, فبرع في هذه العلوم؛ لأنه أول ما ابتدأ بها فنُسب إليها واشتهر بها ووضع كتبا كثيرة().
إذا سقطت في الحياة فلا تيأس!؛ لأنه يمكنك النهوض والوقوف على قدميك, فالخطأ عبارة عن صفحة واحدة من قاموس الحياة فلا تفقد كتابا كاملا بسبب صفحة واحدة, ولو كانت الأخطاء عبارة عن أبواب وكلما أخطأنا أغلقنا هذا الباب فعند ذلك نقول للحقيقة عظم الله أجركِ.
لا تمل ولا تيأس!, فالخطأ لازم في الحياة, أرأيت الوعاء الساخن لا تعرف أنه ساخن حتى تلمسه بيدك مرة, كذلك الأخطاء لا نستطيع معرفة الحقيقة حتى نقع في الخطأ.
مخترعي الآلات والكهرباء والسيارات, كلها جاءت بعد آلاف المحاولة حتى وصلوا إلى الحقيقة.. فبادر وحاول ولا تقف حائرا خائفا..