إذا أردت أن تكون إنسان سعيدا, فكن على حذر من كل ما تسمع, فإن كثير من الأمور والتوقعات والشائعات والأراجيف, لا صحة لها, ولا واقع لها, ولا أساس لها{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}() فلم يكن ما قيل حقيقة, بل تخويف وتحبيط لمحمد وأصحابه{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}() لم يحصل لهم شيء..
فإذا جاءك حدث، وسمعت بمصيبة، فتمهل وتأن ولا تحزن، فإن كثيرا من الأخبار والتوقعات لا صحة لها، فإذا كان هناك صارف للقدر فيبحث عنه، وإذا لم يكن فأين يكون؟!.
فالذين يبنون قصورهم في الأوهام؛ تهدمها الحقائق، والذين ينصبون حياتهم في مهاب الريح؛ تسرقها العواصف، والذين يرسون قواعدهم على الرمال؛ تميد بهم يوم تتحرك الرمال، ولا ثبات إلا لما له أصل ثابت، ولا ثمرة إلا من أصل مثمر, والله قد حذرنا من سماع دون تثبت: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}() حتى لا تحزنوا والخبر غير واقع, ولا تغضبوا والقول غير صحيح{فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}().
سليمان -عليه السلام- كان حريصا على هذه الدقيقة فأراد أن يتثبت ويتحقق من دون أن يغضب ويضجر لما يُعبد من دون الله قال للهدهد: {سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}().
فاجتنب سوء الظن، واطرح الأوهام، والخيالات الفاسدة، والأفكار المريضة, والأراجيف المتعبة, ولا تجعل قلبك كالإسنفجة يتشرب من كل شائعة, ويأكل من كل أرجوفة, ويتنفس من كل وهماً, ويمشي وراء الخيال, ويجري وراء الأفكار؛ فذلك حزن الأحزان.