{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}(){لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً }(){وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً}() ((واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً)) ().
بعد الجوع شبع، وبعد الظمأ رِي، وبعد السهر نوم، وبعد المرض عافية، وبعد الفقر غنى، وبعد السجن حرية، سوف يصل الغائب، ويهتدي الضال، ويُفك العاني، وينقشع الظلام{فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ}().
لكل شيء نهاية يصل إليها, فإذا رأيت الليل يغشي بظلامه فاعلم أن بعده فجرا فالق, وصباحا مشرقا, وإذا رأيت العاصفة تعصف فاعلم أن بعدها هدوء, وإذا رأيت المطر يهطل بشدة فاعلم أن بعده صحو, وإذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد، فاعلم أن وراءها رياضا خضراء وارفة الظلال, وإذا رأيت الحبل يشتد ويشتد، فاعلم أنه سوف ينقطع.
بشر المريض بشفاء عاجل يرد له روحه, بشر الفقير بغنى يرفع رأسه ويكفي عيشه, بشر العازب بزوجة تسعد حياته وتنور قلبه, بشر المديون بقضاء دينه وتيسير أموره, بشر الأرض اليابسة بغيث يعيد لها الحياة, بشر الحزين بسعادة تفرح قلبه وتوسع صدره, بشر الليل بصبح صادق يطارده على رؤوس الجبال، ومسارب الأودية، بشر المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء، ولمح البصر، بشر المنكوب بلطف خفي، وكف حانية وادعة.
هذا عمر خرج ليستسقي فقال: اتقوا الله في أنفسكم، وما غاب عن الناس من أمركم، فقد ابتليت بكم وابتليتم بي، فما أدري السَّخطة عليّ دونكم أو عليكم دوني، أو قد عمَّتكم وعمتني، فهلمُّوا فلندعُ الله أن يصلح قلوبنا، وأن يرحمنا، وأن يرفع عنا البلاء، فرُئِيَ يومها رافعًا يديه يدعو الله ويبكي، والناس يدعون وراءه ويبكون، ثم نزل فلم يزلْ هذا شأنه حتى جاءت الرحمة من الله(). وأذن الله للناس بالغياث والفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، فله الحمد أولاً وأخراً، وظاهرًا وباطنًا.
فلا تضِق ذرعاً فمن المحال دوام الحال، وأفضل العبادة: انتظار الفرج، والأيام دُول، والدهر قُلَّب، والليالي حُبالى، والغيب مستور، والحكيم كل يوم هو في شأن، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمراً{وإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}..
عسى ما ترى أن لا يدوم وأن ترى ... له فرجا مما ألح به الدهر
عسى فرج يأتي به الله إنه ... له كل يوم في خليقته أمر
إذا لاح عسر فارج يسرا فإنه ... قضى الله أن العسر يتبعه اليسر.
فلا يأس والله يُدعَى، ولا قنوط والله يُرجَى، ولا خيبة والله يُعبَد، ولا إحباط والله يُؤمن -جل في علاه،- فإذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله، ورسولك يقول: ((واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً)).
لعمر بنيي اللذين أراهما ... جزوعين إن الشيخ غير جزوع
إذا ما الليالي أقبلت بإساءة ... رجونا بأن تأتي بحسن صنيع.
لا تحزن! ولا تغلق! ولا تيأس! ولا تتأسف! ولا تسأم! ولا تمل! إن أصابك مكروه فالله سيكشف ما بك{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} مع الفقر غنى, وبعد المرض عافية, وبعد الحزن سرور, وبعد الضيق سعة, وبعد الحبس انطلاق, وبعد الجوع شبع{سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً}() سيحل القيد, وينقطع الحبل, ويفتح الباب, وينزل الغيث, ويصل الغائب, وتصلح الأحوال{لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} فيذهب غما, ويطرد هما, ويزيل حزنا, ويسهل أمرا, ويقرب بعيدا{فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً}() يحفظ الغائب, يرد الغريب, يهدي الضال, يعافي المبتلى, يشفي المريض, يكشف الكرب{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}()يكشف كربا, ويغفر ذنبا, ويعطي رزقا, ويشفي مريضا, ويعافي مبتلى، ويفك مأسورا، ويجبر كسير().