Hishamaryqy

Share to Social Media

إنك سوف تواجه في حياتك حرباً ضروساً لا هوادة فيها من النقد الآثم المر، ومن التحطيم المدروس المخصوص، ومن الإهانة المتعمدة، ما دام أنك تعطي، وتبني وتؤثر، وتسطع وتلمع وتبدع، ولن يسكت هؤلاء عنك حتى تتخذ نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتفر من هؤلاء، أما وأنت بين أظهرهم فانتظر منهم ما يسوؤك، ويبكي عينك، ويدمي مقلتك، ويقض مضجعك.
إن الجالس على الأرض لا يسقط، والناس لا يرفسون كلباً ميتاً؛ لكنهم يغضبون عليك؛ لأنك فُقْتَهم صلاحاً أو علماً أو أدباً أو مالاً أو بياناً أو جهداً، فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك، ونعم الله عليك، وتنخلع من كل صفات الحمد، وتنسلخ من كل معاني النبل، وتبقى بليداً غبياً صفراً محطماً مكدوداً، هذا ما يريدون بالضبط.
إذاً: فاصمد لكلام هؤلاء، إذاً: (فاثبت أُحُد) واصبر على نقدهم وتشويههم وتجريحهم وتحقيرهم، وكن كالصخرة الصامدة المهيبة تتكسر عليها حبات البرد، لتثبت وجودها وتعلن صمودها، وقدرتها على البقاء.
إنك إن أصغيت لكلام هؤلاء وتفاعلت به حققت أمنيتهم الغالية في تعكير حياتك, وتكدير عمرك، ألا فاصفح الصفح الجميل، ألا فاعرض عنهم{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}().
إن الله -تعالى الغني عن الناس وعن سؤال الناس وعن ثناء الناس وعن معصية الناس– قد أُوذي من الناس بكلام لا تستطيع أن تتحمله أنت, فقد قالوا عنه: {اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا}() {هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}() {ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}() ومع كل هذا إلا أنه يقول للناس: {فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}().
وكذلك رسول الله –صلى الله عليه وسلم– لم يسلم من كلام النقّاد, ومن عداوة الأعداء, ومكالبة الأشرار, فقد قالوا عليه ساحر, مجنون, كاهن, مفتري, كذاب, دجال, مشعوذ, وأخرجوه من مكة, ورموا سُلى الجزور على ظهره, وشجوا رأسه حتى سال الدم, فقال الله له: {فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً}() فصبر الصبر الجميل, وكان باستطاعته بدعوة لله –تعالى- أن يُهلك الأرض ومن عليها ولكنه{رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}() فقال له ملك الجبال: إن شئت أطبقتُ عليهم الأخشبين -جبلين يحيطان بمكة- فتذكر رسول الله –صلى الله عليه وسلم– قول ربه: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}() وقال لِمَلَكِ الجبال: ((لا! إني أرجو من الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا))().
فإذا كان الله –تعالى-, ورسوله –صلى الله عليه وسلم– لم يسلما من النقد الدائم, والعداوة الظاهرة الشرسة, فلا تظن أنك أنت باستطاعتك أن تسلم من الناس؛ لأنك لن تستطيع أن تغلق أفواه البشر، ولن تستطيع أن تعقد ألسنتهم؛ لكنك تستطيع أن تدفن نقدَهم وتجنيهم بتجافيك لهم وإهمالك لشأنهم، واطراحك لأقوالهم بصبرك وصفحك وسكوتك{قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ}().
إنك إن عاملت المُسيء بمثل ما يُعاملك به, ما إن تهدأ يبدأ التسآول في نفسك وتقول: لو أني صبرت! لو أني سامحت!, لو أني صفحت!, فيُريبك الندم والحزن, ولكن عليك بالصفح تجاه المُسيئين إليك, تجد السعادة تملأ قلبك, وينشرح صدرك, ويهدأ قلبك, ويعلو شأنك, واقتدِ بمن سبقك من الأنبياء والصالحين واقرأ القرآن تجد العجب العجاب من أهل الصفح والسمح.

يوسف -عليه السلام- أُوذي من إخوته وقال والجرح ما زال في قلبه منهم: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}() ويعقوب -عليه السلام- قال وألم الفراق ما زال على قلبه: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}() وإبراهيم -عليه السلام- يقول لأبيه وهو ما زال على الكفر والشرك والعناد: {سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا}()ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قومه أخرجوه من مكة، وطاردوه وشتموه وسبوه وآذوه، حاربوه في المعارك، ونازلوه في الميدان، وقاموا بحرب عسكرية وإعلامية واقتصادية ضده، فلما انتصر ماذا فعل؟ دخل مكة منتصراً، ووقفت له الأعلام مكبرة، وطنت بذكر نصره الجبال والوهاد، فلما انتصر، وقف عند حلق باب الكعبة -صلى الله عليه وسلم-منحنياً، وهو يقول للقرابة وللعمومة: ((ما ترون أني فاعل بكم؟)) فيتصورون الجزاء المر, والقتل الحار, والموت الأحمر، فيقولون وهم يتباكون: أخ كريم وابن أخ كريم، فتدمع عيناه، ويقول: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء!)) () فاقتدِ بهم, وتأسّى بهم وليكن شعارك الذي تحمله, والعَلَمَ الذي ترفعه: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}() {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}() {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}().
فليكن هذا شعارك, وحتما ستجني ثمرة صفحك وإعفائك عن المُسيء في الدنيا قبل الآخرة, وتنال السعادة والسرور والحياة الطيبة.
انظر إلى كيف التعامل مع الناس من حيث ردّ المعاملة السيئة قيل لأحدهم: إن فلاناً من الناس يقع فيك، فيقول: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}().
ثم يقال له أخرى وقد ظُلم وبُهِت وسُبَّ وشتم: ألا تدعو على من ظلمك وسبك وشتمك؟ فيقول: من دعا على ظالمه فقد انتصر، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((اصبروا حتى تلقوني على الحوض)) ().
يُسبُّ أحدهم ويشتم بما ليس فيه فيقول: إن كنتَ صادقاً فغفر الله لي، وإن كنتَ كاذباً فغفر الله لك.
ويقال للثالث: إن فلاناً يقع فيك ويقول فيك كذا وكذا، ويذكرك بسوء، فيقول: رجل صالح ابتلي فينا فماذا نعمل؟! من تعدى حدود الله فينا لم نتعد حدود الله فيه، العفو أفضل، لا ينفعك أن يعذب أخوك المسلم بسببك، فتعفو وتصفح وتغفر فيغفر الله لك.
وقيل لآخر: إن فلان يقع فيك, فقال: مرحبا بالأجر الذي لم أتعب في تحصيله.
ويمرُّ أبو الدرداء بجماعة تجمهروا على رجل يضربونه ويشتمونه، فقال لهم: ما الخبر؟ قالوا: وقع في ذنب كبير، قال: أرأيتم لو وقع في بئر أفلم تكونوا تستخرجونه منه؟ قالوا: بلى.
قال: فلا تسبوه ولا تضربوه، لكن عِظُوه وبصِّروه، واحمدوا الله الذي عافاكم من الوقوع في مثل ذنبه.
قالوا: أفلا تبغضه؟ قال: إنما أبغض فعله، فإذا تركه فهو أخي، فأخذ الرجل ينتحب ويعلن توبته وأوبته، ليكون في ميزان أبي الدرداء -رضي الله عنه- يوم يقف بين يدي الله{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}().
صدقوا ما عاهدوا: فعفوا وصفحوا وسامحوا, وهبوا النقص للفضل، والإساءة للإحسان، فصفت سرائرهم، ونصعت سيرهم، وسلمت صدورهم، ولهجت أنفسهم: {لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا}()().
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Story Chapters

مقدمة الكتاب أين السعادة دروب السعادة وكسر شوكة الأحزان حدد الهدف كن موحدا لله ولا تحزن. كن مؤمنا بالله. الهمة، الهمة الصدقة ضياء. لا تنتظر شكرا من أحد. املأ الدلو ماء ولا تملأه وحلاً. ومن الناس من يعبد الله على حرف. فنظر نظرة في النجوم. اغسل همومك بالنهر الجاري وقفة استراحة. البس لباس التقوى. السعداء لا يعلمون الغيب. دروب السعادة. نور على نور. لا تنسَ نصيبك من الميراث. إن للبيت ربا يحميه. كن صادقا مع الله. مشتقات السعادة. عندك دواء الأمراض. إياك والتسويف فهو مدمر السعادة. وقفة استراحة. لا تحزن إذا جهلك البشر. اغلق صفحة حزنك على الماضي. حقيقة الدنيا الحقيرة. كيف يكون اتصالك بالناس فعال. اشكر الله وتمتع بسعادة الشكر. اجبر خواطر الناس. تريض مع الحياة يطيب لك العيش. سعادتك في حسن خلقك. ولا تنسوا الفضل بينكم منتزهات القلوب. وقفة استراحة. لذة طلب العلم. من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. بادر ولا تقف مترددا. الفرج يأتي بعد الشدة، فلا تحزن!. خريطة السعادة. مفتاح السعادة. ابذل المعروف يتسع لك الكون. كن جميلا ترى الوجود جميلا. نادِ يا الله!. العلم نور، السعداء يهتدون به. وقفة استراحة. لا تحمل الجبال على ظهرك. لا تحزن إن كنت معلما. أعيذك بالله أن تكون حاسدا. قل كلمة طيبة، او اصمت، تسلم من الأحزان. السعادة سفينة الحياة الزوجية. لا تخف من المستقبل. ارضى بما كتبه الله لك وقضاه. وكذلك جعلناكم أمة وسطا. وجعل بينكم مودة ورحمة. إياك والاقتراب من العشق الممنوع. وقفة استراحة. اصنع من الليمون شرابا حلوا. البلايا تجلب العطايا. رحمات الله إليك تتنزل. لا تحزن. مناجاة. لا تيأس. لا تشتري القليل بالكثير. السعادة تحت أقدام الأمهات. اطرق باب السعادة برفق. اثنان.. وواحدة. وقفة استراحة. أيها المحزنون. كثير ما يكون وهما لا حقيقة. قل انظروا ماذا في السموات والأرض. المطعم الحرام يذهب السعادة. أوصل رسالتي لزوجتك. سيجعل الله بعد عسر يسرا. الذهب يبقى ذهب. ابتسم في حين رفعت الأقلام وجفت الصحف. لا بأس أن تستشير طبيبك. الحزن غير موجود. وقفة استراحة. اغتنم فرص السعادة. لست المصاب وحدك. هل تذوقت حلاوة الإيمان. فاصفح الصفح الجميل. كن سعيدا ولا تصنع الأحزان. لذة التلاوة وحلاوة القراءة. في ظلال القرآن. ولا تنسَ نصيبك من الدنيا. فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين. قليل دائم خير من كثير منقطع. وقفة استراحة. لا تحزن على الرزق فهو مضمون. استغل مواهبك ولا تقارن نفسك بالآخرين. تبسمك في وجه أخيك صدقة. احذر إذاعة[قالوا]. التمس العذر لإخوانك المسلمين. اتقوا فراسة المؤمن. هناك ما هو أحلى من العسل. اصنع السعادة بنفسك. وتلك الأيام نداولها بين الناس. اقطع جواز سفرك إلى الآخرة. وقفة استراحة. أكثر من قول: حسبنا الله ونعم الوكيل. ثلاثة وأربعة وخمسة وستة. الشرع أباح لك سرقة القلوب. ارضَ بالقليل يأتيك الكثير. عجائب الدعاء. ما ودعك ربك وما قلى. اطلق جناحي با اطير. هل جربت؟!!. كيف تحزن على الرزق وربنا يقول: رضاء الناس غاية لا تدرك. وقفة استراحة. لا تخاف مما يشاع. ابذل كل ما بوسعك لنيل السعادة. كن كالنحل، تمتص الرحيق برفق. لكل مقام مقال. لا تصطاد في الماء العكر. حب الصحابة لنبيهم عليه الصلاة والسلام. لا تقتل سعادتك باللحوم المسمومة. ما أعظم لذة حب الله. احذر سهام الليل المحزنة. تمهل ولا تستعجل. وقفة استراحة. كيف تجعل سريرتك نقية. لا تهدي سعادتك للآخرين. لا تحزن إن قيل لك: لا. تذوق لذة معرفة الله. فإن كل ذي نعمة محسود. وجعلنا الليل لباسا. النعيم لا يدرك بالنعيم. ألا بذكر الله تطمئن القلوب. أربعة أمراض تذهب سعادتك، أسال الله أن يشفيك منها. أمهات سطرهن التاريخ وقفة استراحة. سعادة الصالحين وأخبارهم في سعادتهم. ما أجمل رائحة حامل المسك. لا تحزن أيها المبتلى. هنيئا لك بهذه الزوجة. نصائح طبية تنفعك. احذر العقوق فيسلبك سعادتك. الملائكة تحفك والله يذكرك فيمن عنده. النظر في الصور قد يسلبك سعادتك تمتع بتقليب صفحات حياتك. يمشون على الأرض هونا. وقفة استراحة. يالها من مواعظ مثيرة للقلب. عمل الخير في يومه يدفع عنك الشر في يومه. لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد. خمس جوائز في القرآن الكريم الفراغ أقوى أسباب الهموم، فاحذره. رفقا بالقوارير. أنيس القلب ورياض الجنة. ترتفع قيمتك وتسعد حياتك في حسن خلقك. وأعتزلكم وما تدعون من دون الله نعمة المصيبة وأجرها الوافر وقفة استراحة. الحق ضالة المؤمن. وصيتي لك في خمس لاءات. اغلق عينيك ثم انظر. انظر وطالع في جليسك. لا تكن أنت هو!!. لا تستخف بالحقير فقد يسلبك سعادتك. ومن دخله كان آمنا. أرحنا بها يا بلال. شجاعة الرعيل الأول في ميدان بدر. هل من سائل فأعطيه. وقفة استراحة. تلك عشرة كاملة. حسن المقصد. الهمة طريق القمة. المسارعة وعدم الإفراط. الشعور بالقوة والعزة. الشجاعة والتضحية مهما كلف الثمن. حب الخير للآخرين. وتعاونوا على البر والتقوى. حسن الظن بالآخرين. تأثير الحبل على الصخر ما أجمل الابتسامة. وقفة استراحة. حقيقة القرآن وأسراره وتأثيره على النفوس. حتى تكون سعيدا. السعادة الحقيقية الخاتمة.
Write and publish your own books and novels NOW, From Here.