يجب عليك أن تعلم أن الباب الذي لا يُغلق حين يُطرق هو باب الملك -جلٌ جلاله-، هو صاحب الكمال والجمال، خزائنه لا تنفد، ونعمه لا تُحصى، لا يردُّ سائلا، ولا يمنع طالبا، ولا يخذل راجيا، ولا يكسر قلبا داعيا..أما أبواب البشر فبعيدة الكمال مفطورة على النقصان, منها الباب المغلق، والباب المحكوم، والباب المشغول، والباب المعذور..
فلا تحزن حين تطلب من الآخرين شيئا فتتفاجئ بكلمة: لا!.
لا تحزن حين يردك ذلك الذي طلبت حاجتك منه فقال لك: لا!. لا تحزن فالناس لهم مشاعر، ولهم ظروف، ولهم أحكام، ولهم أمورا تمنعهم من عطيتك.
لا تحزن! ولا تغضب!، فربما طلبت من أحدهم حاجة فقال لك: لا!. لأنك لا تدري ما الذي جعله يقول لك ذلك, لعله لا يجد، لعله فقير، لعله محتاج، لعله...لعله... لا تحزن وابحث له عن عذر واحمله في قلبك محمل خير..
إن الشخص الذي يحزن من كلمة: لا! ليس شخصا اجتماعي، بل هو شخص أناني يحب نفسه ويحب شخصيته ويريد كل شيء له وحده، ولا يحب الخير لغيره، ولا يلتمس العذر لإخوانه، ولا يراعي مصلحة غيره، ما يهمه غير تلبية حاجاته، وتنفيذ طلباته، وإعطائه كل رغباته فلا تعده في ديوان الرجال(( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه)) ().
إذاً: إن أردت أن تعيش حياة السعادة بين أوساط الآخرين عليك أن تتقبل منهم ذلك بعزة نفس، وسعة صدر، وطمانينة قلب، وبسمة راضية, وتقول: لا حرج عليك -يا أخي- فكلنا محتاجين، هنا تحلو لك الحياة ويطيب لك العيش, أما وإنك تحزن وتجعل من ذلك زلة للآخرين كيف إنهم قالوا لك كلمة: لا!. فتضيق وتختنق وتنزعج وتنسى كل حسانتهم معك، وكل جميل فعلوه من أجلك على أنهم لم يعطوك، فهذا لا استطيع أن أضمن لك السعادة وأنت على هذا الحال أناني يحب نفسه..
وفي المقابل إن كنت أنت المطلوب وجاءك الآخر طالبا حاجة منك فمد له يد العون بما تستطيع، وساعده بما تقدر وإن تعذر عليك الأمر ولم يكن لديك ما هو سائله فلا تشعره بالحزن بكلمة: لا!. بل أضف إليها كوبا من الكلمات الطيبة، وسكرا من البسمات المشرقة، واجعلها في قلبه تبرد ليبرد بها ويرتاح بها، وكأنك أعطيته ما سأل.
تراه إذا ما جئته متهللا ... كأنك تعطيه الذي أنت سائله.
لا تنهر السائل بكلمة[لا] نهرا، بل قدم له مقدمات الطيبة وقل: والله كان ودي أن أعطيك ولكن اعذرني -يا أخي- فليس عندي ما طلبت..ثم قدم له حلول المساعدة ليخرج من عندك وكأنك قد أعطيته ما سأل وأشبعته فوق ما سأل((وتبسمك في وجه أخيك صدقة)) ()..