Hishamaryqy

Share to Social Media

ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻠﻪ ﺟﻼ ﻧﻮﺭﻫﺎ ﻛﻞ ﻇﻠﻤﺔ، ﻭﻛﺸﻒ ﺳﺮﻭﺭﻫﺎ ﻛﻞ ﻏﻤﺔ، ﻓﺈﻥ ﻣﻦ ﻋﺮﻑ اﻟﻠﻪ ﺃﺣﺒﻪ ﻭﻻ ﺑﺪ، ﻭﻣﻦ ﺃﺣﺒﻪ اﻧﻘﺸﻌﺖ ﻋﻨﻪ ﺳﺤﺎﺋﺐ اﻟﻈﻠﻤﺎﺕ، ﻭاﻧﻜﺸﻔﺖ ﻋﻦ ﻗﻠﺒﻪ اﻟﻬﻤﻮﻡ ﻭاﻟﻐﻤﻮﻡ ﻭاﻷﺣﺰاﻥ، ﻭﻋﻤﺮ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﻟﺴﺮﻭﺭ ﻭاﻷﻓﺮاﺡ, ﻭﺃﻗﺒﻠﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻓﻮﺩ اﻟﺘﻬﺎﻧﻰ ﻭاﻟﺒﺸﺎﺋﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ، ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺣﺰﻥ ﻣﻊ اﻟﻠﻪ ﺃﺑﺪا، ﻭﻟﻬﺬا ﻗﺎﻝ -تعالى- ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﻧﺒﻴﻪ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ- ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﺃبي ﺑﻜﺮ: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} ()ﻓﺪﻝ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺣﺰﻥ ﻣﻊ اﻟﻠﻪ، ﻭﺃﻥ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ اﻟﻠﻪ ﻣﻌﻪ ﻓﻤﺎ ﻟﻪ ﻭﻟﻠﺤﺰﻥ؟ ﻭﺇﻧﻤﺎ اﻟﺤﺰﻥ ﻛﻞ اﻟﺤﺰﻥ ﻟﻤﻦ ﻓﺎﺗﻪ اﻟﻠﻪ، ﻓﻤﻦ ﺣﺼﻞ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻓﻌﻠﻰ ﺃﻯ ﺷﻲء ﻳﺤﺰﻥ؟ ﻭﻣﻦ ﻓﺎﺗﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﺒﺄﻯ ﺷﻲء ﻳﻔﺮﺡ؟..
اﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻭﻟﺬﺗﻪ ﻭﺭاﺣﺘﻪ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﻃﺒﻌﻪ، ﻭﻃﺒﻊ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﻟﻪ؛ ﻓﻠﺬﺓ اﻟﻌﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﻮﺭ اﻟﺤﺴﻨﺔ، ﻭﻟﺬﺓ اﻷﺫﻥ ﻓﻲ اﻷﺻﻮاﺕ اﻟﻄﻴﺒﺔ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺠﻮاﺭﺡ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺼﻔﺔ. ﻭﻟﺬﺓ اﻟﻘﻠﺐ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻷﻧﻪ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻟﻬﺎ.
ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻓﻪ اﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺇﺫا ﻋﺮفه فرح به، وإذا تعرف على ربه ومولاه وخالقه ورازقه ومدبر أمره، فرح به، وسعد، واطمئن قلبه، وعاش عيشة الرفاهية في الدنيا، قبل الآخرة..
ﻭﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺃﻛﺒﺮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﺬﺓ ﺃﻛﺒﺮ, ﻓﺈﻥ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫا ﻋﺮﻑ اﻟﻮﺯﻳﺮ ﻓﺮﺡ، ﻭﻟﻮ ﻋﺮﻑ اﻟﻤﻠﻚ ﻟﻜﺎﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﻓﺮﺣﺎ.
ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻮﺟﻮﺩا ﺃﺷﺮﻑ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ -ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ-؛ ﻷﻥ ﺷﺮﻑ ﻛﻞ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺑﻪ ﻭﻣﻨﻪ، ﻭﻛﻞ ﻋﺠﺎﺋﺐ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺁﺛﺎﺭ ﺻﻨﻌﺘﻪ؛ ﻓﻼ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﻋﺰ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ، ﻭﻻ ﻟﺬﺓ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻟﺬﺓ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻨﻈﺮ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﺮ ﺣﻀﺮﺗﻪ.
ﻭﺃﻃﻴﺐ ﻣﺎ ﺗﻄﻴﺐ ﺑﻪ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ اﻟﻌﺒﺪ ﺭﺑﻪ، ﻓﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻠﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﻳﺤﺮﻙ اﻟﻘﻠﻮﺏ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ، ﻭﻳﺸﻮﻕ ﺃﺭﻭاﺡ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺣﺐ اﻟﻠﻪ، ﻭﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﻣﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺗﻌﻠﻖ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﻠﻮﺏ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻣﻮﺻﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻬﺠﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺭﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻓﻘﻮاﻟﺒﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء، ﻓﻼ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺁﻳﺔ ﻣﻦ ﺁﻳﺎﺕ اﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺫﻛﺮﺕ اﻟﻠﻪ، ﻭﻛﻢ ﻧﺜﺮ اﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ- ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﻫﺪ ﻭاﻟﺪﻻﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﻤﻌﺒﻮﺩ!, ﻭﻛﻢ ﻧﺜﺮ اﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ- ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻷﺭﺽ ﻭﻫﺬﻩ اﻟﺴﻤﺎﻭاﺕ ﻣﻦ ﻋﺒﺮ ﻭﺣﺠﺞ ﻭﺁﻳﺎﺕ ﺷﻬﺪﺕ ﺑﺄﻧﻪ ﻓﺎﻃﺮ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ!. اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺃﺟﻞ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻭﺃﻃﻴﺒﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ، اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻠﻪ ﻳﻄﻴﺐ ﻟﻜﻞ ﻣﺆﻣﻦ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻠﻘﺎء اﻟﻠﻪ، ﻭﻛﻠﻤﺎ ﻋﺮﻑ اﻟﻌﺒﺪ ﺭﺑﻪ ﻫﺎﺑﻪ ﻭﺧﺎﻓﻪ، ﻭﻛﻠﻤﺎ اﻗﺘﺮﺏ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﺃﺣﺒﻪ ﻭاﺷﺘﺎﻕ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻛﻢ ﻏﺮﺱ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﺒﻪ، ﻭاﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ!، ﺗﺒﺎﺭﻙ ﺇﻟﻪ اﻷﻭﻟﻴﻦ ﻭاﻵﺧﺮﻳﻦ..
ﻭيقوﻝ ابن القيم: ﻓﻔﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﺷﻌﺚ ﻻ ﻳﻠﻤﻪ ﺇﻻ اﻹﻗﺒﺎﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ، ﻭﻓﻴﻪ ﻭﺣﺸﺔ ﻻ ﻳﺰﻳﻠﻬﺎ ﺇﻻ اﻷﻧﺲ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺧﻠﻮﺗﻪ.. ﻭﻓﻴﻪ ﺣﺰﻥ ﻻ ﻳﺬﻫﺒﻪ ﺇﻻ اﻟﺴﺮﻭﺭ ﺑﻤﻌﺮﻓﺘﻪ ﻭﺻﺪﻕ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ.. ﻭﻓﻴﻪ ﻗﻠﻖ ﻻ ﻳﺴﻜﻨﻪ ﺇﻻ اﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻋﻠﻴﻪ ﻭاﻟﻔﺮاﺭ ﺇﻟﻴﻪ... ﻭﻓﻴﻪ ﻓﺎﻗﻪ ﻻ ﻳﺴﺪﻫﺎ ﺇﻻ ﻣﺤﺒﺘﻪ ﻭاﻹﻧﺎﺑﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺩﻭاﻡ ﺫﻛﺮﻩ، ﻭﺻﺪﻕ اﻹﺧﻼﺹ ﻟﻪ، ﻭﻟﻮ ﺃﻋﻄﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺎﻗﺔ ﻣﻨﻪ ﺃﺑﺪا ().
ﻭيقوﻝ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ: ﻣﻦ ﺃﺭاﺩ اﻟﺴﻌﺎﺩﺓ اﻷﺑﺪﻳﺔ ﻓﻠﻴﻠﺰﻡ ﻋﺘﺒﺔ اﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ (). ﻓﺒﺎﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻳﺪﺧﻞ اﻟﻤﺮء ﺟﻨﺔ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻧﻌﻴﻤﻬﺎ اﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺸﺒﻬﻪ ﺃﻱ ﻧﻌﻴﻢ ﺁﺧﺮ.
وﻳﻘﻮﻝ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ: ﻓﻤﺤﺒﺔ اﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ-، ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ، ﻭﺩﻭاﻡ ﺫﻛﺮﻩ، ﻭاﻟﺴﻜﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭاﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺇﻓﺮاﺩﻩ ﺑﺎﻟﺤﺐ، ﻭاﻟﺨﻮﻑ، ﻭاﻟﺮﺟﺎء، ﻭاﻟﺘﻮﻛﻞ، ﻭاﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﻭﺣﺪﻩ اﻟﻤﺴﺘﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﻤﻮﻡ اﻟﻌﺒﺪ ﻭﻋﺰﻣﺎﺗﻪ، ﻭﺇﺭاﺩﺗﻪ، ﻫﻮ ﺟﻨﺔ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭاﻟﻨﻌﻴﻢ اﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺸﺒﻬﻪ ﻧﻌﻴﻢ، ﻭﻗﺮﺓ ﻋﻴﻦ اﻟﻤﺤﺒﻴﻦ، ﻭﺣﻴﺎﺓ اﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ.
ﻭﻳﺤﻜﻲ ﻋﻦ ﺷﻴﺨﻪ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻣﺮﺓ: ﻣﺎ ﻳﺼﻨﻊ ﺃﻋﺪاﺋﻲ ﺑﻲ؟ ﺃﻧﺎ ﺟﻨﺘﻲ ﻭﺑﺴﺘﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺻﺪﺭﻱ، ﺃﻧى ﺭﺣﺖ ﻓﻬﻲ ﻣﻌﻲ ﻻ ﺗﻔﺎﺭﻗﻨﻲ، ﺇﻥ ﺣﺒﺴﻲ ﺧﻠﻮﺓ، ﻭﻗﺘﻠﻲ ﺷﻬﺎﺩﺓ، ﻭﺇﺧﺮاﺟﻲ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﻱ ﺳﻴﺎﺣﺔ.
ﻭﻳﺴﺘﻄﺮﺩ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻗﺎﺋﻼ: ﻭﻋﻠﻢ اﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﺣﺪا ﺃﻃﻴﺐ ﻋﻴﺸﺎ ﻣﻨﻪ ﻗﻂ، ﻣﻊ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺿﻴﻖ اﻟﻌﻴﺶ، ﻭﺧﻼﻑ اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ﻭاﻟﻨﻌﻴﻢ، ﺑﻞ ﺿﺪﻫﺎ، ﻭﻣﻊ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﺲ ﻭاﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﻭاﻹﺭﻫﺎﻕ، ﻭﻫﻮ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﻃﻴﺐ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻴﺸﺎ، ﻭﺃﺷﺮﺣﻬﻢ ﺻﺪﺭا، ﻭﺃﻗﻮاﻫﻢ ﻗﻠﺒﺎ، ﻭﺃﺳﺮﻫﻢ ﻧﻔﺴﺎ، ﺗﻠﻮﺡ ﻧﻀﺮﺓ اﻟﻨﻌﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻪ.
ﻓﺴﺒﺤﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺷﻬﺪ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺟﻨﺘﻪ ﻗﺒﻞ ﻟﻘﺎﺋﻪ، ﻭﻓﺘﺢ ﻟﻬﻢ ﺃﺑﻮاﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺩاﺭ اﻟﻌﻤﻞ، ﻓﺂﺗﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﺭﻭﺣﻬﺎ ﻭﻧﺴﻴﻤﻬﺎ ﻭﻃﻴﺒﻬﺎ ﻣﺎ اﺳﺘﻔﺮﻍ ﻗﻮاﻫﻢ ﻭاﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ()..
ﺃﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻨﺒﺎﺟﻲ ﻳﻘﻮﻝ: ﻻ ﺗﺴﺘﻜﺜﺮﻭا اﻟﺠﻨﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ، ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﻭاﻓﻰ ﺑﺄﻋﻈﻢ ﻗﺪﺭ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ: ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻠﻪ ﻭاﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻪ.. ﻭﻳﻘﻮﻝ: اﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ اﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ- اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻋﻨﺪﻩ ﻳﺘﻨﻌﻢ ﻣﻊ اﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ- ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﺣﻮاﻟﻪ (). فسبحان الله العظيم جعل النفس تشتاق بمعرفته قبل أن تراه، فكيف إذا رأته?.
والنفس لها فقر ولها حاجة ولها شهية تشتهي ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺷﻲء ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﺪ ﻓﻘﺮﻫﺎ ﻭﺣﺎﺟﺘﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺭﺑﻬﺎ ﻭﻣﻌﺒﻮﺩﻫﺎ، ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ اﻟﻤﺤﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺇﺫا ﻭﺻﻞ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﻳﺸﺒﻊ، ﻭﻻ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻩ، ﻓﺈﻥ ﻭﺻﻞ اﻟﻌﺒﺪ ﺇﻟﻰ ﺭﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﺠﺪ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻄﻠﻮﺑﻪ، ﻳﻌﻨﻲ: ﺃﻥ اﻟﻘﻠﺐ ﻻ ﻳﻄﻤﺌﻦ ﻭﻻ ﻳﺴﻜﻦ ﺇﻻ ﺇﺫا ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﻠﻪ -ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ- ﻭﺇﺭاﺩﺗﻪ، ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻬﻤﺎ ﻳﻨﺎﻝ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻮﺑﺎﺕ ﻓﻬﻮ ﻳﻤﻠﻬﺎ ﻭﻳﺮﻳﺪ اﻟﺘﺤﻮﻝ ﻋﻨﻬﺎ، ﻓﻴﻜﻮﻥ اﻻﻃﻤﺌﻨﺎﻥ ﻭاﻟﺮاﺣﺔ ﻭاﻟﻬﻨﺎء ﻋﻨﺪ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻠﻪ -ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ-{أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} () ﺃﻱ: يهدأ قلبك وﺗﺴﻜﻦ جوارحك ﺇﺫا ﺫﻛﺮﺕ اﻟﻠﻪ ﻭﻋﺮﻓﺖ اﻟﻠﻪ -ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ-.
ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺠﻠﺐ اﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ للقلب ﺇﻻ اﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ اﻟﺮﺏ اﻟﻤﻌﺒﻮﺩ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻭﻗﺼﺪا ﻭﺗﻮﺟﻬﺎ..
قال اﻟﺤﺎﻓﻆ اﺑﻦ رجب: ﻻ ﻗﻮﺕ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻭاﻟﺮﻭﺡ، ﻭﻻ ﻏﺬاء ﻟﻬﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ-، ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﻭﺟﻼﻟﻪ ﻭﻛﺒﺮﻳﺎﺋﻪ. ﻓﻴﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ: ﺧﺸﻴﺘﻪ، ﻭﺗﻌﻈﻴﻤﻪ، ﻭﺇﺟﻼﻟﻪ، ﻭاﻷﻧﺲ ﺑﻪ، ﻭاﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﻪ، ﻭاﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﻟﻘﺎﺋﻪ، ﻭاﻟﺮﺿﺎ ﺑﻘﻀﺎﺋﻪ ()..
وإذا نال العبد ميزة معرفة الله؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺸﻐﻮﻝ ﻋﻦ اﻟﻜﻞ ﺑﺼﺎﺣﺐ اﻟﻜﻞ، ﻓﺘﺮاﻩ ﻣﺘﺄﺩﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻮﺓ ﺑﻪ، ﻣﺴﺘﺄﻧﺴﺎ ﺑﻤﻨﺎﺟﺎﺗﻪ، ﻣﺴﺘﻮﺣﺸﺎ ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻟﻄﺔ ﺧﻠﻘﻪ، ﺭاﺿﻴﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺪﺭ ﻟﻪ، ﻓﻌﻴﺸﻪ ﻣﻌﻪ ﻛﻌﻴﺶ ﻣﺤﺐ ﻗﺪ ﺧﻼ ﺑﺤﺒﻴﺒﻪ، ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺳﻮاﻩ، ﻭﻻ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﻐﻴﺮﻩ.
قال ابن القيم وهو يتكلم عن لذة معرفة القلب لربه وفيما قاله كلام جميل أعجبني: اعلم أن الله خلق في قلبك بيتا...ﻭﻓﺘﺢ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﺑﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺔ ﺭﺣﻤﺘﻪ، ﻭاﻷﻧﺲ ﺑﻪ، ﻭاﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﻟﻘﺎﺋﻪ، ﻭﺃﻣﻄﺮﻩ ﻣﻦ ﻭاﺑﻞ ﻛﻼﻣﻪ، ﻣﺎ ﺃﻧﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺃﺻﻨﺎﻑ اﻟﺮﻳﺎﺣﻴﻦ ﻭاﻷﺷﺠﺎﺭ اﻟﻤﺜﻤﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﻧﻮاﻉ اﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭاﻟﺘﻬﻠﻴﻞ ﻭاﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ﻭاﻟﺘﺤﻤﻴﺪ ﻭاﻟﺘﻘﺪﻳﺲ، ﻭﺟﻌﻞ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ اﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ﺷﺠﺮﺓ ﻣﻌﺮﻓﺔ الله, ﻓﻬﻲ ﺗﺆﺗﻲ ﺃﻛﻠﻬﺎ ﻛﻞ ﺣﻴﻦ ﺑﺈﺫﻥ ﺭﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭاﻹﻧﺎﺑﺔ ﻭاﻟﺨﺸﻴﺔ ﻭاﻟﻔﺮﺡ ﺑﻪ ﻭاﻻﺑﺘﻬﺎﺝ ﺑﻘﺮﺑﻪ، ﻭﺃﺟﺮﻯ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺠﺮﺓ ﻣﺎ ﻳﺴﻘﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺪﺑﻴﺮ ﻛﻼﻣﻪ, ﻭﻓﻬﻤﻪ, ﻭاﻟﻌﻤﻞ ﺑﻮﺻﺎﻳﺎﻩ, ﻭﻋﻠﻖ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﺒﻴﺖ ﻗﻨﺪﻳﻼ ﺃﺳﺮﺟﻪ ﺑﻀﻴﺎء ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ، ﻭاﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻪ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪﻩ، ﻓﻬﻮ ﻳﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﺷﺠﺮﺓ ﻣﺒﺎﺭﻛﺔ ﺯﻳﺘﻮﻧﺔ ﻻ ﺷﺮﻗﻴﺔ ﻭﻻ ﻏﺮﺑﻴﺔ ﻳﻜﺎﺩ ﺯﻳﺘﻬﺎ ﻳﻀﻲء ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻤﺴﺴﻪ ﻧﺎﺭ، ﺛﻢ ﺃﺣﺎﻁ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺎﺋﻄﺎ ﻳﻤﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﺩﺧﻮﻝ اﻵﻓﺎﺕ ﻭاﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ ﻭﻣﻦ ﻳﺆﺫﻱ اﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ﻓﻼ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺇﺫاً ﻫﻢٌّ، ﻭﺃﻗﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺮﺳﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻳﺤﻔﻈﻮﻧﻪ ﻓﻲ ﻳﻘﻈﺘﻪ ﻭﻣﻨﺎﻣﻪ، ﺛﻢ ﺃﻋﻠﻢ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺒﻴﺖ ﻭاﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ﺑﺎﻟﺴﺎﻛﻦ ﻓﻴﻪ ﻓﻬﻮ ﺩاﺋﻤﺎ ﻫﻤﻪ ﺇﺻﻼﺡ اﻟﺴﻜﻦ ﻭﻟﻢّ ﺷﻌﺜﻪ ﻟﻴﺮﺿﺎﻩ اﻟﺴﺎﻛﻦ ﻣﻨﺰﻻ, ﻭﺇﺫا ﺃﺣﺲ ﺑﺄﺩﻧﻰ ﺷﻌﺚ ﻓﻲ اﻟﺴﻜﻦ ﺑﺎﺩﺭ ﺇﻟﻰ ﺇﺻﻼﺣﻪ ﻭﻟﻤﻪ ﺧﺸﻴﺔ اﻧﺘﻘﺎﻝ اﻟﺴﺎﻛﻦ ﻣﻨﻪ, ﻓﻨﻌﻢ اﻟﺴﺎﻛﻦ ﻭﻧﻌﻢ اﻟﻤﺴﻜﻦ ﻓﺴﺒﺤﺎﻥ اﻟﻠﻪ ﺭﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ!!ﻛﻢ ﺑﻴﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﻴﺖ ﻭﺑﻴﺖ ﻗﺪ اﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺨﺮاﺏ، ﻭﺻﺎﺭ ﻣﺄﻭﻯ ﻟﻠﺤﺸﺮاﺕ ﻭاﻟﻬﻮاﻡ، ﻭﻣﺤﻼ ﻹﻟﻘﺎء اﻷﻧﺘﺎﻥ ﻭاﻟﻘﺎﺫﻭﺭاﺕ ﻓﻴﻪ، ﻓﻤﻦ ﺃﺭاﺩ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻭﻗﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻭﺟﺪ ﺧﺮﺑﺔ ﻻ ﺳﺎﻛﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﺣﺎﻓﻆ ﻟﻬﺎ...ﻭﻣﻦ ﺛﻤﺮﻫﺎ اﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭاﻟﻐﻤﻮﻡ ﻭاﻷﺣﺰاﻥ ﻭاﻵﻻﻡ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺘﻮاﺭﻳﺔ ﺑﺈﺷﻐﺎﻝ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﻠﻬﻮﻫﺎ ﻭﻟﻌﺒﻬﺎ، ﻓﺈﺫا ﺃﻓﺎﻗﺖ ﻣﻦ ﺳﻜﺮﻫﺎ ﺃﺣﻀﺮﺕ ﻛﻞ ﻫﻢّ ﻭﻏﻢّ ﻭﺣﺰﻥ ﻭﻗﻠﻖ ﻭﻣﻌﻴﺸﺔ ﺿﻨﻚ، ﻭﺃﺟﺮﻯ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺠﺮﺓ ﻣﺎ ﻳﺴﻘﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﺗﺒﺎﻉ اﻟﻬﻮﻯ، ﻭﻃﻮﻝ اﻷﻣﻞ ﻭاﻟﻐﺮﻭﺭ، ﺛﻢ ﺗﺮﻙ ﺫﻟﻚ اﻟﺒﻴﺖ ﻭﻇﻠﻤﺎﺗﻪ، ﻭﺧﺮاﺏ ﺣﻴﻄﺎﻧﻪ، ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻨﻪ ﻣﻔﺴﺪ ﻭﻻ ﺣﻴﻮاﻥ ﻭﻻ ﻣﺆﺫ ﻭﻻ ﻗﺬﺭ، ﻓﺴﺒﺤﺎﻥ ﺧﺎﻟﻖ ﻫﺬا اﻟﺒﻴﺖ ﻭﺫﻟﻚ اﻟﺒﻴﺖ ﻓﻤﻦ ﻋﺮﻑ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﻗﺪﺭ اﻟﺴﺎﻛﻦ ﻓﻴﻪ ﻭﻗﺪﺭ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﻨﻮﺯ ﻭاﻟﺬﺧﺎﺋﺮ ﻭاﻵﻻﺕ اﻧﺘﻔﻊ ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ ﻭﻧﻔﺴﻪ...ﻭأما ﻣﻦ ﺫاﻕ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻭﻋﺮﻑ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻣﻮﺻﻠﺔ ﺇلى اﻟﻠﻪ، ﺛﻢ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻭﺃﻗﺒﻞ على ﺇﺭاﺩﺗﻪ ﻭﺭاﺣﺎﺗﻪ ﻭﺷﻬﻮاﺗﻪ ﻭﻟﺬاﺗﻪ، ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺁﺛﺎﺭ اﻟﻤﻌﺎﻃﺐ، ﻭﺃﻭﺩﻉ ﻗﻠﺒﻪ ﺳﺠﻮﻥ اﻟﻤﻀﺎﻳﻖ، ﻭﻋُﺬﺏ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻋﺬاﺑﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﺬﺏ ﺑﻪ ﺃﺣﺪا ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻓﺤﻴﺎﺗﻪ ﻋﺠﺰ ﻭﻏﻢّ ﻭﺣﺰﻥ، ﻭﻣﻮﺗﻪ ﻛﺪﺭ ﻭﺣﺴﺮﺓ، ﻭﻣﻌﺎﺩﻩ ﺃﺳﻒ ﻭﻧﺪاﻣﺔ، ﻗﺪ ﻓﺮﻁ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻣﺮﻩ، ﻭﺷﺘﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻤﻠﻪ، ﻭﺃﺣﻀﺮ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﻐﻤﻮﻡ ﻭاﻷﺣﺰاﻥ..
ﻓﻼ ﻟﺬﺓ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻦ، ﻭﻻ ﺭاﺣﺔ اﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ، ﻳﺴﺘﻐﻴﺚ ﻓﻼ ﻳﻐﺎﺙ، ﻭﻳﺸﺘﻜﻲ ﻓﻼ يشكى، ﻓﻘﺪ ﺗﺮﺣﻠﺖ ﺃﻓﺮاﺣﻪ، ﻭﺳﺮﻭﺭﻩ ﻣﺪﺑﺮﺓ، ﻭﺃﻗﺒﻠﺖ ﺁﻻﻣﻪ ﻭﺃﺣﺰاﻧﻪ ﻭﺣﺴﺮاﺗﻪ، ﻓﻘﺪ ﺃﺑﺪﻝ ﺑﺄﻧﺴﻪ ﻭﺣﺸﺔ، ﻭﺑﻌﺰﻩ ﺫﻻ، ﻭﺑﻐﻨﺎﻩ ﻓﻘﺮا، ﻭﺑﺠﻤﻌﻴﺘﻪ ﺗﺸﺘﻴﺘﺎ، ﻭﺃﺑﻌﺪﻭﻩ ﻓﻠﻢ ﻳﻈﻔﺮ ﺑﻘﺮﺑﻬﻢ، ﻭﺃﺑﺪﻟﻮﻩ ﻣﻜﺎﻥ اﻷﻧﺲ ﺇﻳﺤﺎﺷﺎ.
ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻧﻪ ﻋﺮﻑ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺇلى اﻟﻠﻪ ﺛﻢ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻧﺎﻛﺒﺎ ﻣﻜﺒﺎ على ﻭﺟﻬﻪ، ﻓﺄﺑﺼﺮ ﺛﻢ ﻋﻤﻲ، ﻭﻋﺮﻑ ﺛﻢ ﺃﻧﻜﺮ، ﻭﺃﻗﺒﻞ ﺛﻢ ﺃﺩﺑﺮ، ﻭﺩﻋﻲ ﻓﻤﺎ ﺃﺟﺎﺏ، ﻭﻓﺘﺢ ﻟﻪ ﻓﻮلى ﻇﻬﺮﻩ اﻟﺒﺎﺏ، ﻗﺪ ﺗﺮﻙ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻮﻻﻩ ﻭﺃﻗﺒﻞ ﺑﻜﻠﻴﺘﻪ على ﻫﻮاﻩ.
ﻓﻠﻮ ﻧﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺣﻈﻮﻇﻪ، ﻭﺗﻠﺬﺫ ﺑﺮاﺣﺎﺗﻪ ﻭﺷﺆﻭﻧﻪ، ﻓﻬﻮ ﻣﻘﻴﺪ اﻟﻘﻠﺐ ﻋﻦ اﻧﻄﻼﻗﻪ ﻓﻲ ﻓﺴﻴﺢ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﻭﻣﻴﺎﺩﻳﻦ اﻷﻧﺲ، ﻭﺭﻳﺎﺽ اﻟﻤﺤﺒﺔ، ﻭﻣﻮاﺋﺪ اﻟﻘﺮﺏ، ﻗﺪ اﻧﺤﻂ ﺑﺴﺒﺐ ﺇﻋﺮاﺿﻪ ﻋﻦ ﺇﻟﻬﻪ اﻟﺤﻖ ﺇلى ﺃﺳﻔﻞ ﺳﺎﻓﻠﻴﻦ، ﻭﺣﺼﻞ ﻓﻲ ﻋﺪاﺩ اﻟﻬﺎﻟﻜﻴﻦ، ﻓﻨﺎﺭ اﻟﺤﺠﺎﺏ ﺗﻄﻠﻊ ﻛﻞ ﻭﻗﺖ ﻓﺆاﺩﻩ ﻭﺇﻋﺮاﺽ اﻟﻜﻮﻥ ﻋﻨﻪ -ﺇﺫ ﺃﻋﺮﺽ ﺭﺑﻪ -ﺣﺎﺋﻞ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺮاﺩﻩ. ﻓﻬﻮ ﻗﺒﺮ ﻳﻤﺸﻲ على ﻭﺟﻪ اﻷﺭﺽ، ﻭﺭﻭﺣﻪ ﻓﻲ ﻭﺣﺸﺔ ﻣﻦ ﺟﺴﻤﻪ، ﻭﻗﻠﺒﻪ ﻓﻲ ﻣﻼﻝ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ، يتمنى اﻟﻤﻮﺕ ﻭﻳﺸﺘﻬﻴﻪ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ، ﺣﺘﻰ ﺇﺫا ﺟﺎءﻩ اﻟﻤﻮﺕ على ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻝ -ﻭاﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ- ﻓﻼ ﺗﺴﺄﻝ ﻋﻤﺎ ﻳﺤﻞ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاﺏ اﻷﻟﻴﻢ؛ ﺑﺴﺒﺐ ﻭﻗﻮﻉ اﻟﺤﺠﺎﺏ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻮﻻﻩ اﻟﺤﻖ, ﻭﺇﺣﺮاﻗﻪ ﺑﻨﺎﺭ اﻟﺒﻌﺪ ﻣﻦ ﻗﺮﺑﻪ ﻭاﻹﻋﺮاﺽ ﻋﻨﻪ, ﻭﻗﺪ ﺣﻴﻞ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ ﻭﺃﻣﻨﻴﺘﻪ ()...
إنها حياة القلوب بمعرفتها بربها حياة لا تعدلها حياة..
ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ: ﻣﻦ ﻗﺮﺕ ﻋﻴﻨﻪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻗﺮﺕ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻋﻴﻦ, ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﺗﻘﺮ ﻋﻴﻨﻪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻘﻄﻌﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﺮاﺕ, ﻭﻳﻜﻔﻲ ﻓﻲ ﻓﻀﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻠﺬﺓ ﻭﺷﺮﻓﻬﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﺐ ﺃﻟﻢ اﻟﺤﺴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻔﻮﺕ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺘﺄﻟﻢ ﺑﺄﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﻳﻠﺘﺬ ﺑﻪ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭﻳﻔﺮ ﻣﻨﻪ ﻓﺮاﺭﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻟﻢ، ﻭﻫﺬا ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻴﻪ اﻟﺬﻭﻕ ﻻ ﻣﺠﺮﺩ ﻟﺴﺎﻥ اﻟﻌﻠﻢ .
ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ ﻳﻘﻮﻝ: ﻣﺴﺎﻛﻴﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺧﺮﺟﻮا ﻣﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻟﻢ ﻳﺬﻭﻗﻮا ﻃﻴﺐ ﻧﻌﻴﻤﻬﺎ، ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﻭﻣﺎ ﻫﻮ?، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻣﺤﺒﺔ اﻟﻠﻪ ﻭاﻷﻧﺲ ﺑﻪ ﻭاﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﻟﻘﺎﺋﻪ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮ: ﺃﻃﻴﺐ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻭﻣﺤﺒﺘﻪ ﻭﺃﻟﺬ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻵﺧﺮﺓ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﻭﺳﻤﺎﻉ ﻛﻼﻣﻪ ﺑﻼ ﻭاﺳﻄﺔ. ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮ: ﻭاﻟﻠﻪ ﺇﻧﻪ ﻟﻴﻤﺮ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﺃﻗﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﺎﻝ ﺇﻧﻬﻢ ﻟﻔﻲ ﻋﻴﺶ ﻃﻴﺐ ()..
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Story Chapters

مقدمة الكتاب أين السعادة دروب السعادة وكسر شوكة الأحزان حدد الهدف كن موحدا لله ولا تحزن. كن مؤمنا بالله. الهمة، الهمة الصدقة ضياء. لا تنتظر شكرا من أحد. املأ الدلو ماء ولا تملأه وحلاً. ومن الناس من يعبد الله على حرف. فنظر نظرة في النجوم. اغسل همومك بالنهر الجاري وقفة استراحة. البس لباس التقوى. السعداء لا يعلمون الغيب. دروب السعادة. نور على نور. لا تنسَ نصيبك من الميراث. إن للبيت ربا يحميه. كن صادقا مع الله. مشتقات السعادة. عندك دواء الأمراض. إياك والتسويف فهو مدمر السعادة. وقفة استراحة. لا تحزن إذا جهلك البشر. اغلق صفحة حزنك على الماضي. حقيقة الدنيا الحقيرة. كيف يكون اتصالك بالناس فعال. اشكر الله وتمتع بسعادة الشكر. اجبر خواطر الناس. تريض مع الحياة يطيب لك العيش. سعادتك في حسن خلقك. ولا تنسوا الفضل بينكم منتزهات القلوب. وقفة استراحة. لذة طلب العلم. من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. بادر ولا تقف مترددا. الفرج يأتي بعد الشدة، فلا تحزن!. خريطة السعادة. مفتاح السعادة. ابذل المعروف يتسع لك الكون. كن جميلا ترى الوجود جميلا. نادِ يا الله!. العلم نور، السعداء يهتدون به. وقفة استراحة. لا تحمل الجبال على ظهرك. لا تحزن إن كنت معلما. أعيذك بالله أن تكون حاسدا. قل كلمة طيبة، او اصمت، تسلم من الأحزان. السعادة سفينة الحياة الزوجية. لا تخف من المستقبل. ارضى بما كتبه الله لك وقضاه. وكذلك جعلناكم أمة وسطا. وجعل بينكم مودة ورحمة. إياك والاقتراب من العشق الممنوع. وقفة استراحة. اصنع من الليمون شرابا حلوا. البلايا تجلب العطايا. رحمات الله إليك تتنزل. لا تحزن. مناجاة. لا تيأس. لا تشتري القليل بالكثير. السعادة تحت أقدام الأمهات. اطرق باب السعادة برفق. اثنان.. وواحدة. وقفة استراحة. أيها المحزنون. كثير ما يكون وهما لا حقيقة. قل انظروا ماذا في السموات والأرض. المطعم الحرام يذهب السعادة. أوصل رسالتي لزوجتك. سيجعل الله بعد عسر يسرا. الذهب يبقى ذهب. ابتسم في حين رفعت الأقلام وجفت الصحف. لا بأس أن تستشير طبيبك. الحزن غير موجود. وقفة استراحة. اغتنم فرص السعادة. لست المصاب وحدك. هل تذوقت حلاوة الإيمان. فاصفح الصفح الجميل. كن سعيدا ولا تصنع الأحزان. لذة التلاوة وحلاوة القراءة. في ظلال القرآن. ولا تنسَ نصيبك من الدنيا. فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين. قليل دائم خير من كثير منقطع. وقفة استراحة. لا تحزن على الرزق فهو مضمون. استغل مواهبك ولا تقارن نفسك بالآخرين. تبسمك في وجه أخيك صدقة. احذر إذاعة[قالوا]. التمس العذر لإخوانك المسلمين. اتقوا فراسة المؤمن. هناك ما هو أحلى من العسل. اصنع السعادة بنفسك. وتلك الأيام نداولها بين الناس. اقطع جواز سفرك إلى الآخرة. وقفة استراحة. أكثر من قول: حسبنا الله ونعم الوكيل. ثلاثة وأربعة وخمسة وستة. الشرع أباح لك سرقة القلوب. ارضَ بالقليل يأتيك الكثير. عجائب الدعاء. ما ودعك ربك وما قلى. اطلق جناحي با اطير. هل جربت؟!!. كيف تحزن على الرزق وربنا يقول: رضاء الناس غاية لا تدرك. وقفة استراحة. لا تخاف مما يشاع. ابذل كل ما بوسعك لنيل السعادة. كن كالنحل، تمتص الرحيق برفق. لكل مقام مقال. لا تصطاد في الماء العكر. حب الصحابة لنبيهم عليه الصلاة والسلام. لا تقتل سعادتك باللحوم المسمومة. ما أعظم لذة حب الله. احذر سهام الليل المحزنة. تمهل ولا تستعجل. وقفة استراحة. كيف تجعل سريرتك نقية. لا تهدي سعادتك للآخرين. لا تحزن إن قيل لك: لا. تذوق لذة معرفة الله. فإن كل ذي نعمة محسود. وجعلنا الليل لباسا. النعيم لا يدرك بالنعيم. ألا بذكر الله تطمئن القلوب. أربعة أمراض تذهب سعادتك، أسال الله أن يشفيك منها. أمهات سطرهن التاريخ وقفة استراحة. سعادة الصالحين وأخبارهم في سعادتهم. ما أجمل رائحة حامل المسك. لا تحزن أيها المبتلى. هنيئا لك بهذه الزوجة. نصائح طبية تنفعك. احذر العقوق فيسلبك سعادتك. الملائكة تحفك والله يذكرك فيمن عنده. النظر في الصور قد يسلبك سعادتك تمتع بتقليب صفحات حياتك. يمشون على الأرض هونا. وقفة استراحة. يالها من مواعظ مثيرة للقلب. عمل الخير في يومه يدفع عنك الشر في يومه. لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد. خمس جوائز في القرآن الكريم الفراغ أقوى أسباب الهموم، فاحذره. رفقا بالقوارير. أنيس القلب ورياض الجنة. ترتفع قيمتك وتسعد حياتك في حسن خلقك. وأعتزلكم وما تدعون من دون الله نعمة المصيبة وأجرها الوافر وقفة استراحة. الحق ضالة المؤمن. وصيتي لك في خمس لاءات. اغلق عينيك ثم انظر. انظر وطالع في جليسك. لا تكن أنت هو!!. لا تستخف بالحقير فقد يسلبك سعادتك. ومن دخله كان آمنا. أرحنا بها يا بلال. شجاعة الرعيل الأول في ميدان بدر. هل من سائل فأعطيه. وقفة استراحة. تلك عشرة كاملة. حسن المقصد. الهمة طريق القمة. المسارعة وعدم الإفراط. الشعور بالقوة والعزة. الشجاعة والتضحية مهما كلف الثمن. حب الخير للآخرين. وتعاونوا على البر والتقوى. حسن الظن بالآخرين. تأثير الحبل على الصخر ما أجمل الابتسامة. وقفة استراحة. حقيقة القرآن وأسراره وتأثيره على النفوس. حتى تكون سعيدا. السعادة الحقيقية الخاتمة.
Write and publish your own books and novels NOW, From Here.